دراساتصحيفة البعث

هل تتحوّل آسيا والمحيط الهادئ إلى سندان تحت المطرقة الأمريكية؟

عائدة أسعد  

استغلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك رحلتها التي اختتمت للتو والتي استغرقت أسبوعاً إلى أستراليا ونيوزيلندا وفيجي لإثارة التحذيرات ضد الدول التي أصبحت تعتمد بشكل مفرط على الصين.

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأسترالية، قالت بيربوك: إن بلادها أصلحت نهجها الاستراتيجي تجاه الصين لتجنّب تكرار خطئها الماضي عندما فشلت الدولة العضو في الناتو في إدراك مدى اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة.

ومن الواضح أن كبيرة الدبلوماسيين الألمان تريد ثني الدول عن تطوير علاقات تجارية أقوى مع الصين، ولكن مع ذلك فإن مثل هذه التحذيرات التي ليست سوى أصداء لإثارة الذعر من جانب واشنطن بشأن الصين، ربما لا تجد آذاناً مصغية.

وعلى سبيل المثال، عملت أستراليا جاهدة لتحسين علاقاتها مع الصين بعد أن مرّت بأوقات عصيبة عندما تراجعت تجارتها مع الصين بفضل جهود الفصل التي بذلتها حكومة سكوت موريسون السابقة، كما أنه مع تبني حكومة أنتوني ألبانيز الحالية وجهة نظر أكثر موضوعية للعلاقات الثنائية، فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تتحسّن بسرعة.

ويبدو أن بيربوك ترغب أيضاً في إرسال رسالة مختلفة عن دعوة المستشار الألماني أولاف شولز للتعاون العملي مع الصين، لأنها عضو في حزب الخضر الألماني الذي يشكّل جزءاً من الحكومة الائتلافية وكان بثها للتخويف من الصين سبباً إلى حدّ ما في تقويض الجهود التي بذلها الزعيم الألماني في رحلته الأخيرة إلى الصين.

وبرأي المحللين السياسيين، في حال تم الحكم من خلال المناخ السياسي الحالي في الغرب الذي يعدّ المشاعر المعادية للصين بمنزلة صواب سياسي، لا تحتاج الصين إلى تقييم تأثير مثل هذه الانقسامات السياسية الداخلية فحسب، بل تحتاج أيضاً إلى الحذر من مناورات الولايات المتحدة في تجميع مجموعات صغيرة جديدة مناهضة للصين.

لقد اجتمع وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والفلبين الأسبوع الماضي في هاواي لعقد اجتماع مشترك ثانٍ، ولكن نظراً للتوترات بين الفلبين والصين في بحر الصين الجنوبي، ليس من المستغرب أن يطلق مسؤولو البنتاغون على هذا التجمّع الإقليمي اسم فرقة أو فريق.

وشأنها شأن المجموعة الرباعية، التي جمعتها الولايات المتحدة أيضاً، تم تشكيل المجموعة الرباعية الجديدة بنية واضحة تتمثل في إحداث أمواج في بحر الصين الجنوبي، ما يشكّل تهديداً ملموساً وفورياً للتوقعات الأمنية للصين.

إن الولايات المتحدة ظلت بفضل عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن تحاول دون كلل خلق التوترات والاحتكاكات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أجل زعزعة استقرار بيئة التنمية في جوار الصين، وبالتأكيد تصرّفات واشنطن الأنانية تحوّل المنطقة إلى ساحة جديدة للمواجهة بين الكتل.

وأخيراً يمكن القول: يتعيّن على دول المنطقة أن تظل يقظة في مواجهة تصرّفات الولايات المتحدة الغريبة المليئة بالمخاطر، وأن تقول لا للتدخل من القوى الخارجية، وأن توحّد جهودها لبناء منطقة آسيا والمحيط الهادئ المسالمة والمزدهرة للجميع.