مؤشرات التضخم.. ارتفاع يقدر سنوياً بنحو 40% في الاقتصاد السوري
دمشق- ميادة حسن
من المعروف اقتصادياً أن التضخم هو مؤشر ارتفاع أسعار المستهلك بشكل مستمر سنوياً، وبحسب الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر فإن أسباب الارتفاع في مؤشر الأسعار خلال الفترة السابقة تظهر في خدمات الفنادق والمطاعم بنسبة 30%، أما التبغ والمشروبات الكحولية فتصل إلى 12%، والأغذية والمشروبات غير الكحولية إلى نسبة 11%، وعلى الرغم من الارتفاع المستمر للمؤشر على طول السلسلة إلا أن قفزات كبيرة حصلت في الفترة الأخيرة، حيث كان يتضاعف بشكل كبير، بالنسبة لارتفاع مؤشر أسعار الصحة بشكل أكبر من ارتفاع المؤشر الإجمالي فهو يصل إلى 3 أضعاف بسبب قرار رفع أسعار الأدوية (70-110%)، حيث لم يلعب التسعير الإداري دوراً في ضبط مؤشر الأسعار أو تخفيضه بل على العكس من ذلك، تكون زيادة أسعار المواد المسعرة إدارياً أكبر من متوسط ارتفاع مؤشر الأسعار بشكل عام كارتفاعات أسعار الخبز بنسبة 400%، والمازوت 1600% والبنزين 5000%، وبالتالي قد يكون التسعير الإداري أحد أسباب ارتفاع الأسعار، حيث يتسبّب ارتفاع أسعار الغذاء بنحو 43% بالتضخم في سورية، كما تساهم أسعار السكن والكهرباء والوقود بـ25% من التضخم، بالإضافة إلى دور قطاع النقل في التضخم 7% يليه مجموعة المشروبات الكحولية والتبغ ومجموعة الملابس 4%.
التسعير الإداري
تشير بيانات المكتب المركزي للإحصاء، وهي تقديرات على أساس قرارات التسعير من وزارة التجارة الداخلية ووزارة النفط، وزارة الصحة، وغيرها من قرارات التسعير، ويتابع اسمندر أن التضخم المستمر سمة ظاهرة في الاقتصاد السوري خلال الفترة ما بين 2015- 2023، والارتفاع الأكبر في معدل التضخم كان خلال العام 2021 بنحو 119%، أي يرتفع التضخم بشكل وسطي سنوياً بنحو 40% ويعتبر من أعلى معدلات التضخم في المنطقة العربية، حيث بلغ الوسطي على مستوى الدول العربية بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العربي وصندوق النقد العربي، ومجموعة السلع المتنوعة ومجموعة الفنادق والمطاعم 3% لكل منها، ثم مجموعات الاتصالات والتعليم 2%، ومجموعات الترويح والثقافة 1%.
قيمة العملة
تفقد الليرة السورية نحو 59% من قيمتها بشكل وسطي سنوياً، حيث لم تتمكّن السياسة النقدية المتّبعة من ضبط تراجع الليرة، مع عدم التقليل من تأثير العوامل الأخرى والتي تلعب دوراً في قيمة الليرة كالاحتياطي النقدي والعجز في ميزان المدفوعات والسياسة المالية وغيرها من العوامل، يضيف اسمندر، أن تراجع قيمة الليرة قلّل بشكل كبير من الثقة بها، وبالتالي يساهم هذا الأمر بدوره بمزيد من الضغط للتخلص من الرصيد النقدي نحو مخزون سلعي أو ذهبي أو عملات قابلة للتحويل مما يسبّب مزيداً من التضخم، ولا بدّ من الإشارة إلى أن الانخفاض المتسارع لقيمة الليرة السورية أمام الدولار جعل قيمة سلة الاستهلاك الغذائي الأساسية والتي تقدّر بـ148 دولاراً، بحسب برنامج الغذاء العالمي لعام 2023 أي ما يعادل نحو 2.072 مليون ليرة سورية شهرياً، أي أكثر من 4 أضعاف سقف راتب الفئة الأولى، وهذا يعني أن معظم العاملين بأجر لدى القطاع الحكومي تحت خط الفقر الغذائي.
رفع الأجور
اتبعت الحكومة منهجاً عاماً لمواجهة التضخم بفرض زيادات دورية على الرواتب مع بعض المنح أحياناً، ويبيّن اسمندر أن الرواتب زادت بشكل اسمي بمعدل 32% بشكل سنوي وسطي، مقابل زيادة التضخم 42% بشكل سنوي وسطي، أي أن الزيادة الاسمية للرواتب لم تستطع مواجهة التضخم من ناحية الزيادة الحقيقية في الرواتب، وهنا تصبح المشكلة أكبر، ولأن التضخم آفة مزمنة ترافق الاقتصاد السوري لا بدّ من إعادة النظر بالسياسات النقدية والمالية المتّبعة لمواجهة التضخم وآثاره، كما أن سياسة التسعير الإداري لعدد كبير من السلع لم تكن كافية للحدّ من التضخم بل لعبت دوراً في زيادته، ويحتاج الاقتصاد السوري خلال الفترة الحالية والمقبلة لبرامج نوعية لزيادة الإنتاج السلعي لمواجهة فجوة الاقتصاد الحقيقي التي يعانيها.