دراساتصحيفة البعث

التطوير .. خطوة أولى

 سنان حسن

“عندما نمارس عملية التطوير، فليس لأن هنالك ظروفاً خارجية استدعت ذلك، كما يحلو للبعض أن يحلل من وقت لآخر، أو لأن هناك ضغوطاً، بل لأن التطوير حاجة حسية ووطنية وطبيعية” انطلاقاً من كلمة الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد في مستهل كلمته في افتتاح أعمال اللجنة المركزية الموسّع لحزب البعث العربي الاشتراكي، فإننا اليوم أمام مفترق طرق مهم جداً، ومصيري في مسيرة الحزب الممتدة منذ ثمانية عقود، فعدم العمل مباشرة على معالجة الأخطاء والتراكمات التي اعترضت مسار الحزب خلال العقود الماضية، قد يؤدّي بنا لأن نخسر الحزب “مؤسسة وعقيدة”، وهذا يحتم على الجميع كوادرَ وقياداتٍ العمل والبحث والتفكير بشكل معمّق ومطوّل في آليات التغيير والتطوير، كيف سنصوغها؟، وآلية إقرارها ووضعها على سكة التطبيق، والتفعيل المباشر في مفاصل الحزب، فالهدف هو الحفاظ على مؤسسة الحزب والارتقاء بها، لأنها رافعة حقيقية للمجتمع السوري، المجتمع الذي تعرّض ولا يزال لأنواع متعدّدة من الممارسات والضغوط الداخلية والخارجية، بغرض حرفه إلى مسارات بعيدة عن سياقه التاريخي العروبي والقومي.

دخل حزب البعث العربي الاشتراكي مع بداية الحرب الإرهابية على سورية تحدّياً جديداً نقله من حزب قائد للدولة بفعل مادة في الدستور إلى حزب يحكم بأغلبية برلمانية، وهذا يستدعي تغييراً في السياسات الحزبية، ووضع آليات تنفيذية تواكب التطوّرات الحاصلة سياسياً واقتصادياً وفكرياً واجتماعياً.

الأمر الأول: الانطلاق من بنية الحزب التنظيمية ونظامه الداخلي، مع وجود أجهزة في جسم الحزب، اضطلعت بأدوار مفصلية خلال العقد الحالي لم تكن متاحة من قبل، وهي اللجنة المركزية للحزب من انتخاب قيادة مركزية للحزب، فكيف سنجد الصيغ والآليات التي تضمن تحقيق الغاية والهدف من وجود اللجنة والأدوار التي يجب على أعضائها القيام بها، وصلاحياتها في متابعة أداء القيادة المركزية وتتبّع أعمال مكاتبها وتنفيذ خططها وسياساتها على مستوى الحزب الداخلي، أو على صعيد سياساتها المتعلقة بمراقبة الحكومة في تنفيذ سياسات الحزب وأهدافه في قيادة الدولة؟.

والأمر الثاني: إيجاد آليات جديدة للاجتماع الحزبي بكل مستوياته، بدايةً من الحلقة الأولى وانتهاءً باجتماعات القيادة، وهو مطلب ملحّ أيضاً يتعلق بأمر جوهري يدخل في صميم عمل الحزب، وبالتالي نحن نحتاج إلى الكثير من الحوارات والنقاشات المستفيضة مع الأخذ بعين الاعتبار الاستفادة من التطور التكنولوجي والتقني الحاصل في وسائل التواصل الاجتماعي ووضعها في خدمة هذا الهدف، بما يضمن الوصول إلى صيغ تلبّي الهدف من إقامة الاجتماع وما ينتج عنه من قرارات ومتابعات للقضايا الحزبية، وعليه يجب أن نجيب على الكثير من الأسئلة المتعلقة بالاجتماع الحزبي وصلاحياته، فهل سيكون قادراً على المحاسبة والتدقيق في عمل الحلقات التي يُعقد فيها الاجتماع الحزبي؟.

والأمر الثالث: إنجاز نظام انتخابي متوافق مع كل المتغيّرات والأخذ بالملاحظات والتساؤلات التي تم طرحها خلال إنجاز النظام الانتخابي بانتخابات اللجنة الموسّعة، بحيث يكون لدينا نظام انتخابي متكامل يضمن سلامة التمثيل وتحقيق العدالة في تمثيل الشرائح من شباب والمرأة، والأهم الوصول إلى نظام انتخابي يكفل اختيار ممثلي الحزب في مراكز العمل التنفيذي والتشريعي.

والأمر الرابع: إنجاز النظام المالي الخاص بالحزب بما يحقق الحفاظ على موارد الحزب وتطويرها من جهة، وتتبّع نفقاته من جهة أخرى، وفرض موازنات مالية سنوية دقيقة، ولاسيما مع وجود استثمارات للحزب في الكثير من المرافق والخدمات العامة.

الأمر الخامس: عمل لجنة التفتيش الحزبي ومهامها وكيف ستمارسها، في ظل التغيّرات الجديدة في الحزب، والأهم السياسات المسؤولة عنها في مراقبة الجهاز الحزبي والتدقيق بكل القضايا التي تضمن تطبيق النظام الداخلي للحزب والتتبّع المالي، والتأكّد من عدم وجود تجاوزات وقضايا فساد تمسّ الحزب وقياداته.

إن إنجاز هذه الأمور المهمة في بنية النظام الداخلي ستضمن الوصول بالمؤسسة البعثية لتكون قادرة على مجاراة كل المتغيّرات والتطورات الحاصلة سواء داخلياً أم خارجياً.. وهنا لا عذر لأحد بالتخلف عن القيام بمهامه وواجباته الحزبية على أكمل وجه، أو التذرّع بنتائج الانتخابات للمماطلة والتسويف في القيام بالمهام والواجبات، فصفحة الانتخابات طويت والديمقراطية حكمت بقرارها، وعلى جميع البعثيين أن يكونوا يداً واحدة في تحصين مؤسسة الحزب وتطويرها.