الغوغائية الفرنسية
تقرير إخباري
بعد أسبوعين من موافقة الرئيس الأمريكي جو بايدن على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار لكييف، كان التأثير على ساحة المعركة متواضعاً نسبياً، وفق ما ورد في التقييم الذي أجراه معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، حيث أشار إلى استمرار القوات الروسية بتحقيق مكاسب إقليمية متزايدة على طول الأجزاء الرئيسية من خط المواجهة في الشرق والجنوب.
وكما هو الحال دائماً، هناك نظرة عامة توفر بعض الأدلة حول مسار الحرب، فقد اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً على شركائه الأوروبيين إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا لمنع الانتصار الروسي،” حسب تعبيره. لكن اقتراحه هذا قوبل برفض قاطع من قبل الحلفاء الرئيسيين في حلف شمال الأطلسي، ولم يحدث شيء في ذلك الوقت، لكن حقيقة عودته إلى الطاولة ترجع، إلى حد ما على الأقل، إلى الغوغائية الفرنسية. وحتى الآن، أبدت ليتوانيا فقط رد فعل إيجابي إلى حد ما، مشيرةً إلى أنها ستكون مستعدة لإرسال قوات إلى أوكرانيا للقيام بمهمة تدريبية. لكن رؤية ماكرون تشير إلى أن كل الصقور في المناقشة الأوسع حول كيفية استجابة أوروبا – بلا شك- إلى ما هو أبعد من هذه الحرب، حيث وجدوا حليفاً قوياً في الرئيس الفرنسي، ووجودا تغييراً مماثل في المملكة المتحدة، ففي حين يواصل اللورد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني، استبعاد احتمال نشر قوات على الأرض في أوكرانيا، فقد أكد صراحة أن كييف قادرة على استخدام أنظمة الأسلحة التي توفرها المملكة المتحدة لضرب أهداف في روسيا. وهذا التصلب في المواقف الفرنسية والبريطانية دفع روسيا إلى الإعلان عن إجراء تدريبات لقواتها النووية التكتيكية، وهذا النوع من الهزات النووية ليس بالأمر الجديد، وربما كان متوقعاً في باريس ولندن.
كان استخدام الأسلحة البريطانية لضرب أهداف في روسيا في السابق خطًاً أحمر لم تكن الحكومة البريطانية مستعدة للسماح لكييف بتجاوزه، وهذا الانقلاب في الموقف البريطاني يمنح مناورة كاميرون طابعاً فورياً يتجاوز خطاب ماكرون على الأرض، ويفسر لماذا تضمن رد الكرملين أيضاً تهديدات بضرب المملكة المتحدة. وحتى لو نجحت أوكرانيا، نتيجة المساعدات الأوروبية، فإنها لن تحول الدفة فجأة بشكل حاسم لصالحها. وفي ظل حالة عدم اليقين هذه، فإن موسكو ليست وحدها، فهي تمتلك شبكة تحالفات قوية وشديدة الأهمية، وفي واشنطن أيضاً، لا تزال هناك دلائل قليلة على وجود إحساس واضح بنهاية اللعبة أو جدولها الزمني، ويبدو مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مقتنعاً بأن المساعدات العسكرية الأميركية ستسمح لأوكرانيا بالحفاظ على خطها لبقية العام. ومن ناحية أخرى، فإن حقيقة أن أوكرانيا لا تزال قادرة على “حرمان روسيا من النصر” في ساحة المعركة، فإنها تشير إلى أنه بقدر وجود إستراتيجية غربية، فإنها تبدو وكأنها تظل تركز على منع هزيمة أوكرانيا، بدلاً من انتصارها.
وقبل كل شيء، هذه ليست إستراتيجية لإنهاء الحرب، ولن يستمر هذا الدعم الفاتر في منع التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض فحسب، بل قد يؤدي في نهاية المطاف إلى هزيمة أوكرانيا والغرب معاً.
هيفاء علي