في تحليل الشخصية الصهيونية.. د. طعمة: اعرف عدوك!
أمينة عباس
أراد الدكتور نبيل طعمة من محاضرته التي ألقاها، مؤخراً، في المركز الثقافي العربي بـ”أبو رمانة” بإدارة فرحات الكسم، وحملت عنوان “تحليل الشخصية الصهيونية” أن تكون محرّضاً للبحث والتقصّي والغوص أكثر بالعناوين التي تضمّنتها: “البحث لا يعني العناوين، إنما الغوص فيما تحت العناوين، ومهما كان السبّاح ماهراً لا يعني أنه غواص، والذي يبحث يعني أن عليه أن يغوص، وكلما دخل إلى الأعماق اكتشف أكثر واقترب من الحقيقة”، وقد حرّضت الحضور على الحوار والنقاش حول هذه الشخصية بمنحاها السياسي بما تحملها من سمات والتي أكد طعمة في تصريحه لـ”البعث” أن الأدب والفن ما زالا بعيدين عن تسليط الضوء عليها كما يجب.
كثيرة هي الأسئلة التي طرحها طعمة في محاضرته: “لماذا الرعب الهائل من الشخصية اليهودية في العالم بأسره؟ وما هي علاقتها بالسامية؟ وما مدى ارتباط هذه الشخصية بالصهيونية؟ وهل الصهيونية جوهر الشخصية اليهودية أم أنها عقيدة فكرية مضافة إلى العقل اليهودي؟ وهل الصهيونية ولِدَت مع التلمود الأورشليمي “أور سالم” مدينة السلام “القدس” أم في سراديب بابل ومع كتابة التلمود البابلي الذي أُنجز في حقبة السبي الأسطورية لنبوخذ نصر؟ أم أنها رافقت برتوكولات حكماء صهيون التي اتخذت قرارات بناء السرية وإخفاء أسرار حركة اليهود الصهيونية بغاية تكيّفها مع المستجدات الزمنية بحيث تتحرك حسب ما تقضيه مصالح اليهودية الصهيونية العالمية وبغاية وصولهم لتملّك العالم والتربّع على عرشه؟”، كما تساءل طعمة: “لو أن اليهود لم يختاروا فلسطين وطناً لهم هل كان هناك عداء بينهم وبين العرب المسلمين؟ وما هي مصلحة الغرب العميقة في حماية هذه المنظومة البشرية التي حملت مسمّى “إسرائيل” والصهيونية التي اعتنقها قادة الغرب ودعموا بكامل قواهم قيامة هذه الدولة وحمياتها؟ هل من أجل إبقاء العرب والمسلمين في حالة تخلّف بحكم ما تمتلكه جغرافيتهم من مواد أولية وفكر خلاق لبناء هذه الأمة؟: “إذا استفاقت هذه الشعوب وأُعطيت حريتها الحقيقية لكانت في مصاف الأمم إبداعاً وقوة”، مبيناً أن جميع الحضارات التاريخية حاربت الفكر اليهودي، الإغريقية اليونانية والرومانية والفرس والحضارة المسيحية والإسلامية، وهو سؤال وضعه طعمة برسم الحضور، وغايته أن ينطلقوا بعد هذه المحاضرة نحو البحث والتقصّي، مبيناً: “أن تكون صهيونياً يعني أن تؤمن بـ”إسرائيل” كدولة وبالشعب اليهودي بأنه شعب الله المختار، ولكي تنجح في الغرب والشرق عليك أن تمتلك هذا الإيمان وتعبّر عنه عملياً لا نظرياً، والتقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتجاوز الستة عشر مليوناً، وهناك من يقول بأنهم ثلاثون مليوناً، ومع هذا وذاك ما هو السر الذي يتمتعون به؟ ولماذا لا يتكاثرون؟ وما هي القدرة التي امتلكوها لكي يُسكنوا الرعب في العقل البشري بكليته؟ ولماذا الخوف من اليهودي وعلى اليهودي وتحميهم الدول بكل قواها وخوفاً من ماذا؟ أينما وجدوا يجيدون إدارة المال والعلم والجنس والإعلام والمكر والخداع”. وفي العودة إلى سؤال: “لماذا يهاب العالم بما فيه الغرب الصهيونية واليهودية؟” يجيب طعمة قائلاً: “لأن معظم إبداعات العلم أنجزها يهود وامتلكوا السيطرة بذلك على المال والفكر والسلاح وأخذوا يديرونه كما يشاؤون وأيضاً أنشأوا اللوبيات الصهيونية ومؤتمراتها، ومن خلالها تمّ تنسيب معظم قادة العالم إليها طارحين شعار “إن لم تكن معنا فنحن ضدك”، وكل من يخالفهم يحدثون الخلل في نظمه وقيادته لبلدانه”، مضيفاً: “دققوا أن كل منجزات الصهيونية اليوم تتجلى في الليبرالية القديمة والحديثة والعولمة التي تسعى إلى فرط عقد الإيمان بالإنسان وضرب أخلاقه وبناه الاجتماعية، وفي النتيجة نجد أن كل هذا يصبّ في مصلحة الفكر الصهيوني”.
ورأى طعمة في نهاية محاضرته أن كل ذلك يتطلّب منا التحصين بالاتجاه العلمي والتمسك بالأخلاق والقيم السامية والاتجاه إلى البحث: “اعرف عدوك بأن تدرسه وتدرس خفايا فكره وتستنتج ما يمتلكه من قوى وتجتهد لتتفوق بعلمك ومعرفتك وبحثك والتي تولد لك القوة الموازية”.