ثقافةصحيفة البعث

من المنتدى الثقافي العراقي تحية إلى الشهداء

ملده شويكاني

“علّمتنا أن الحياة رسالة

والموت حق والشهادة سرمد

وملائك الرحمن تلهج بالثنا

ودعاء أم في السماء يتردد”

أبيات من قصيدة “الشهيد” التي ألقاها الشاعر العراقي نور الخطيب، وحيا فيها شهداء العرب من دمشق العروبة في فعالية شعرية وفنية بمشاركة عدد من الشعراء وبعض أعضاء فرقة التخت الشرقي بقيادة المايسترو بديع بغدادي بعنوان “عيد الشهداء”، والتي أقامها المنتدى الثقافي العراقي في دمشق بإشراف الرفيقة منى هيلانة أمين سر مكتب قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي وبحضور رئيس المنتدى الدكتور محمود شمسة، وجمهور المنتدى.

وتنوّعت القصائد بين الشعر الفصيح والمحكي وتفاوتت بالأساليب، لكنها التقت جميعها على تحية إكبار وإجلال لشهداء العراق وفلسطين وسورية وكل العرب، وتحية خاصة لشهداء غزة، ولم تخلُ من قصائد غزلية واجتماعية.

بدأت الشاعرة فردوس النجار بصوت سورية، بقصيدتها “يا سورية” تتغنّى بأمجادها وحضاراتها وصمودها ومحبتها للأشقاء العرب، معتمدة القافية اليائية والالتزام بالروي في رباعيتها:

سوري إني والشهامة منهجي

والحب داري والقرار قراري

لا الكون ينسى ما وطئتُ من العلا

والشمس تشهد أنها بمداري

اسمي على الأحجار في كل الدنا

والمجد مكتوب على أقداري

والعرب أهلي لو تهادوا مهجتي

إني المسامح رغم كل أوّاري

وضمن الموضوع ذاته، لكن بقصيدة نثرية تابعت عن سورية بقصيدة أخرى استهلتها بالمرأة السورية:

أنا امرأة شآمية

ككل  نسائنا اللاتي غلبنّ الموت

ككل بواشق الدنيا كسرنّ الريح

وإلى الشاعر نور الخطيب الذي خصّ شهداء غزة بقصيدة “غزة”، مبتدئاً بالأسلوب الإنشائي بالنداء في أبيات عدة “يا غزة الصبر، يا قامة المجد، يا روضة الله” وتضمنت التكبير والنصر، مستحضراً مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج بقوله: “مسرى الرسول إلى السماء ويعرج”، ويستنهض همّة الأمة العربية من خلال صمود غزة:

جئنا إليكم آل غزة نرتوي

من صبركم من داركم نتخرج

فاسروا بنا نحو الكرامة والعلا

فالدين يسر والشريعة منهج

علّمتم الدنيا غلاوة أرضنا

والحق ولو طال الزمان مسيج

أما الشاعرة هناء داوودي فكتبت للشهيد قصيدة نثرية تصف فيها غيابه المقدس ضمن مسارها بقصيدة النثر، مكررة فيها السؤال “أيّ” بغية التوكيد اللفظي، ومتسائلة عن قافية تعبّر عن شرف الشهادة:

أيّ قافية تختزل البكاء

حين الموت عرس

والشهادة نهاية مشتهاة

أي فخر؟

أي مجد؟

حين يغدو طينك ورداً

كلما لامسه التراب

وبعيداً عن الشهيد ألقت قصيدة عاطفية تعبّر عن شوق المحبوبة للمحبوب والتعلق به حتى بات هو الزمن بقصيدة عنونتها بـ”ثمة شغف”:

فتلهج بذكره الأنفاس

كل عشية وإصباح

إلى أن تصل إلى مقطع:

مشدودة كلي لكله

أيّ سرّ في هواه

متأثرة بقول الشاعر بالتناص غير المباشر:

فبعضي لديّ وبعضي لديك

وبعضي مشتاق لبعضي

ويقولون “الإلقاء نصف الشعر”، وهذا ما حقّقه الشاعر قصي ميهوب بصوته الرخيم ودقة نطق مخارج الحروف والإشباع اللفظي بمدّ حروف الروي والقافية، إلى جانب إتقانه الصنعة البديعية وأساليب البلاغة بالجناس والطباق والمقابلة في مواضع، بالإضافة إلى اعتماده على الاقتباس من القرآن الكريم بتوظيف مفردة “ويسألونك عن” في مواضع، والتي وردت في آيات عدة، منها الآية 85 من سورة الإسراء “ويسألونك عن الروح”.

وفي قصيدته “معراج الطفولة”، التي كتبها بصوت الطفل الشهيد من شهداء غزة، يقول:

أماه ما حان الوداع، تكلمي

هل أخرس الدمع ارتجال الكلمة

لا تحزني فالموت حق، إنما

نيل الشهادة ابتداء النشأة

ليصل إلى قفلة القصيدة:

“من عزتي أفدي ترابك غزتي”

وفي قصيدة أخرى خاطب قاسيون:

يا قاسيون اليوم أطلق صرختي

ردد شعور الياسمين ورائي

وفي منحى آخر ألقى قصي ميهوب مجموعة قصائد ذات طابع اجتماعي لم تخلُ من الطرفة، منها قصيدة “حظرني الفيس بوك” التي تطرق فيها إلى جرائم الصهيونية، وأفرد للأم قصيدة خاصة بالشعر المحكي أيضاً:

يا جوهرة آذار

يا ريحة رغيف طالع من التنور

ويا ريحة الحلبة والزعتر والزعرور

كما ألقى الشاعر العراقي سعدون الدرّاجي مقتطفات من شعره المحكي باللهجة العراقية، للشهيد:

يوم الشهيد ما ينسي

وأبد ما ننساه

وسام مطرز بالورد

وبالدم وبالروح سوينا

وفي ختام الفقرات الشعرية ألقى الدكتور إياد عكاب كلمة تأبينية، أشار فيها إلى قدسية الشهادة وإلى الأبطال الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الوطن والمقدسات، دفاعاً عن العرض والأرض، وتحدث عن إحياء ذكرى شهداء العراق وسورية بوضع أعضاء الأمانة العامة وإدارة المنتدى والجالية العراقية إكليل الزهور على مقبرة شهداء العراق وسورية في الدحداح.

وكان تأثير الفقرة الموسيقية رائعاً على الجمهور، إذ قدّم المايسترو بديع بغدادي برفقة جزء من فرقة التخت الشرقي عازف الإيقاع جمال خضير والمطرب وعازف العود معتز رسلان بمشاركة المايسترو بغدادي بالعزف على الكمان والقيادة، فأخذ الكمان دور الأوركسترا بالطرب الأصيل وغنى معتز رسلان قصيدة “خمرة الحبّ” التي غناها ولحنها صباح فخري:

خمرة الحب اسقينها

همّ قلبي تنسينيه

عيشة لا حبّ فيها

جدول لاماء فيه

وقد أعجب الجمهور بصوت رسلان الطربي وبالفاصل الموسيقي بين المقاطع بالعزف على الكمان والعود بمرافقة الإيقاع، كما قدّمت الفرقة أغنيات تراثية، منها “يامال الشام”.