ارتفاع أسعار الثوم في ذمة التجار.. ومؤسسة التدخل الإيجابي على الحياد!
دمشق- رحاب رجب
على الرغم من الإنتاج الكبير المحقّق هذا العام من مادة الثوم، وعدم وجود رغبة حتى الآن في تصديره، عادت أسعار الثوم إلى التحليق مجدداً في موسمها، مع قيام التّجار باحتكار الموسم وتخزينه وفرض أسعارهم الخاصة على المستهلك الذي كان ينتظر دخول وقت تموينه حتى يقوم بشرائه.
ويشير الكثير من الناس إلى أن ترك المواد للتجار لاحتكارها وتخزينها وفرض أسعارهم عليها هو السبب الحقيقي في الارتفاع، إذ لا مبرّر لهذا الارتفاع مع وجود إنتاج وفير له هذا العام، متسائلين عن الدور الذي يجب أن تقوم به السورية للتجارة بشراء الموسم من الفلاحين لمنع التجار من التواطؤ على احتكار المادة، وناعين في الوقت ذاته حماية المستهلك التي تقف على الحياد حول كلّ ما يمارسه التجار!!.
أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، أكد أن مادة الثوم كغيرها من المواد، ومنها البصل والبطاطا والفروج وسائر المواد التموينية، قابلة للتخزين في برادات السورية للتجارة التي كانت تُسمّى سابقاً الشركة السورية للتبريد، وهذه البرادات غير مستخدمة ويتمّ تأجيرها للتجار بدلاً من قيام المؤسسة بتخزين هذه المواد في براداتها أثناء الموسم ثم طرحها في الأسواق تدريجياً عندما تشحّ المادة في غير موسمها، وبالتالي نحافظ على دورها الرئيسي وهو التدخل الإيجابي، ونحافظ على نوع من التوازن في انسيابية المادة في الأسواق، لافتاً إلى أنه عندما يحدث هذا التوازن في الأسعار على مدى العام لن يتمكّن التاجر من التحكم بالأسواق، فالفروج والبيض مثلاً انخفضت أسعارهما مؤخراً وهما مادتان قابلتان للتخزين، على الأقل ثلاثة أشهر إن كان التبريد جيداً، وحتى الفاكهة التي يتمّ استدراجها من التجار، والتفاح مثالاً، بأسعار باهظة تصل إلى ١٥ ألف ليرة سورية، يمكن تخزينها وبيعها فيما بعد بشكل انسيابي.
وتحدث حبزة عن الدور الذي كانت الشركة العامة للتبريد تقوم به قبل مجيء السورية للتجارة ومؤسسة الخزن والتسويق بتخزين المواد إلى حين الطلب وبيعها للمستهلك بأسعار تفضيلية، حيث كنا نحصل على المواد منها بشكل سلس.
وأضاف الخبير الاقتصادي: حتى موضوع تعبئة الشاي يمكن مشاركة القطاع الخاص به حتى لا يقوم الأخير باحتكار المادة والاستفراد بالسوق.
وتابع حبزة: الثوم الذي هو عنوان حديثنا، كان سعره في البداية ١٢ ألف ليرة واليوم سعره ٢٥ ألفاً، وهو مرشّح للزيادة شأنه شأن البطاطا، وهذا يعني أن هناك خللاً في السياسة الحكومية، التي لا تعتمد تخزين المواد في موسمها، وليس في السورية للتجارة لأنها بالنتيجة مموّلة من الحكومة وتعمل وفق النهج الحكومي، رغم أنها لم تعد مؤسسة خدمية طبعاً، بل تحوّلت إلى مؤسسة ربحية، والسبب في ذلك هو الخطأ في إنشائها منذ البداية، حيث إن بعض الصالات يتمّ استثمارها من القطاع الخاص الذي يفرض أسعاره، وبالتالي فقدت المؤسسة صفتها التدخلية في الأسعار.
ولفت حبزة إلى أن حماية المستهلك ليس لها دور كبير في مراقبة الأسواق لعدم وجود عدد كافٍ من المراقبين لتغطية الأسواق، واتساع الرقعة جغرافياً، وقلة الخبرة والكفاءة لدى المراقبين، وهذا يعني أن الفريق الاقتصادي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن موضوع تخزين المواد وتبريدها إلى حين الطلب، وهذا الأمر غير متوفر، رغم مطالبة الجمعية مراراً عبر الجهات الرسمية والإعلام وعبر المراسلات بضرورة وجود انسيابية للمواد في الأسواق، وقد طرحت الجمعية إنشاء شراكة مع القطاع الخاص شبيهة بالشراكة التي كانت قائمة سابقاً مع شركة الكرنك، مؤكداً أن مثل هذا الأمر سيبثّ الراحة في نفس المواطن تجاه الأسعار وتوفر السلع بشكل عام في الأسواق، ويمنع إمكانية احتكار المواد.
وختم حبزة بالقول: حماية المستهلك دورها هامشي في هذا الموضوع، أما جمعية حماية المستهلك فدورها توعوي يحقّق أهداف الجمعية من حيث الحفاظ على حقوق المستهلك المادية والصحية والاجتماعية، ولكن دور المجتمع الأهلي قاصر حتى الآن لعدم وجود دعم حكومي له من خلال منح الفرصة له وللفلاح لبيع المادة بالسوق بالشراكة مع الحكومة، وبالتالي كسر حلقات الاحتكار، الأمر الذي يؤكد أن الخطة الاقتصادية غير مستوفية للشروط التي تحقق الاكتفاء الذاتي وانسيابية المواد على مدى العام.