منح فلسطين العضوية في الأمم المتحدة.. مسؤولية الولايات المتحدة
عائدة أسعد
صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية واسعة يوم الجمعة لمصلحة منح حقوق وامتيازات جديدة لفلسطين، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى إعادة النظر في طلب فلسطين أن تصبح العضو رقم 194 في الأمم المتحدة.
لقد وافقت المنظمة الدولية على القرار الذي رعته الدول العربية بأغلبية 143 صوتاً مقابل 9 وامتناع 25 عن التصويت، وتجدر الإشارة إلى أن العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ السابع من تشرين الأول هو الذي دفع المزيد من أعضاء الأمم المتحدة للانضمام إلى المجموعة المؤيّدة لفلسطين، حيث تمّت الموافقة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة في 27 تشرين الأول وبأغلبية 120 صوتاً مقابل 14 صوتاً وامتناع 45 عضواً عن التصويت.
وعلى الرغم من أنه لا يزال بإمكان الولايات المتحدة استخدام حق النقض ضد تصويت عضوية فلسطين في الأمم المتحدة في مجلس الأمن الدولي على هذه القضية كما فعلت في 18 نيسان، لكن نتيجة التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة تعكس دعماً أوسع لعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما يعني ضغوطاً أكبر على واشنطن للتحرك ضد إرادة العالم.
وقد قال نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود يوم الجمعة: “لكي تدعم الولايات المتحدة إقامة دولة فلسطينية، يجب أن تضمن المفاوضات المباشرة أمن إسرائيل ومستقبلها كدولة يهودية ديمقراطية، وأن يتمكّن الفلسطينيون من العيش بسلام في دولة خاصة بهم”.
إن الجانب الأمريكي يتظاهر بالتغاضي عن حقيقة أن الجانب الإسرائيلي هو الذي يقتل الشعب الفلسطيني على أرضه بشكل وحشي ومتهوّر، وما فعلته “إسرائيل” في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وهو ما يُظهر بوضوح الصواب والخطأ فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويمكن للعالم أن يرى بوضوح أن “إسرائيل” لم تكن مضمونة بالكامل فحسب، بل قامت باستمرار بتوسيع نفوذها إلى الجانب الفلسطيني إلى ما وراء حدود عام 1967، وغزت البلدان المجاورة، بما في ذلك سورية ولبنان.
وعلى مرّ السنين، قامت “إسرائيل” كقوّة محتلة، بإجهاض أساس حل الدولتين من الناحية الفنية، ومن المرجّح أن يؤدّي العدوان الحالي، المستمر منذ أكثر من سبعة أشهر، إلى تدمير آفاق حل الدولتين الذي وافق عليه المجتمع الدولي بشكل كامل.
وقيام “إسرائيل” بتكثيف هجومها على رفح يوم السبت، في ظل إذعان الولايات المتحدة، رداً على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بفلسطين في اليوم السابق، يمثل استفزازاً خطيراً للإرادة المشتركة للمجتمع الدولي، ويخدم أيضاً في تقويض إرادة المجتمع الدولي.
لقد طفح الكيل، وعلى “إسرائيل” أن توقف عقابها الجماعي لشعب غزة، وأن تكفّ عن مواصلة هجومها العسكري في رفح، وأن ترفع فعلياً كل القيود المفروضة على دخول الإمدادات الإنسانية إلى غزة، كما ينبغي أن توقف جميع الأنشطة الاستيطانية وأن تحدّ بشكل فعّال من إرهاب المستوطنين المتزايد في الضفة الغربية، وآن الأوان أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه بالكامل، وهذا ما يعدّ مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع الدولي متضمّناً الولايات المتحدة لدعم وتعزيز عملية الدولة الفلسطينية المستقلة وتوفير ضمانة قوية لتنفيذ حل الدولتين وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
وباعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تضع مصالحها جانباً، وأن تعمل من أجل السلام العالمي والإنسانية، وتتحمّل مسؤوليتها العالمية، فمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعدّ بمنزلة منصّة لحل القضايا وليس خلق الانقسامات أو اختطاف أجندة السلام العالمية لتحقيق أهداف ضيّقة من خلال إساءة استخدام حق النقض.