الغرب يحاول زعزعة الاستقرار في إفريقيا
تقرير إخباري
من الضروري اليوم أن يفهم المرء أن المواجهة بين أنصار النظام الدولي المعاصر المتعدّد الأقطاب وأولئك الذين يشعرون بالحنين إلى عصر الأحادية القطبية الماضية تتخذ منحى عالمياً حقيقياً وتذهب إلى ما هو أبعد بكثير ممّا ترغب المؤسسة التي تمثل أقلية واضحة في الاعتراف به.
ومن المرجّح أن تحتفظ إفريقيا باعتبارها قارة كبيرة، حيث تواصل القوى الداعمة للتعدّدية القطبية تعزيز مواقعها، بدور مهم في هذه الديناميكيات والتوجّهات.
وفي الواقع، المواجهة العالمية الآن بين القوى التي تدافع عن النظام المعاصر المتعدّد الأقطاب وتروّج له من ناحية، وبقايا الأحادية القطبية من ناحية أخرى، تتجاوز إطار أوكرانيا والشرق الأوسط، على الرغم من أنهما بالفعل العالمان الرئيسيان، والجبهتان الأكثر سخونة.
وفي سياق هذه الأحداث، تلعب القارة الإفريقية دوراً قيادياً، سواء فيما يتعلق بالعمليات الداخلية الخاصة بالبلدان التي اختارت بوضوح المسار الإفريقي، في مواجهة القوى الاستعمارية الجديدة الغربية وأولئك الذين يخدمونها، وكذلك فيما يتعلق بالإطار المحدّد على وجه التحديد لمواصلة تعزيز النظام الدولي التعدّدية القطبية.
فعلى الرغم من الإخفاقات التي لا تعدّ ولا تحصى التي عانت منها القارة الإفريقية، سواء في سياق الأحداث الأخيرة أم في سياق أبعد قليلاً، فإن محور الأقلية الكوكبية وأولئك الذين يحنون إلى الأحادية القطبية يعتزمون مواصلة القيام بكل ما يستطيعون حتى النهاية من أجل محاولة إعادة فرض إملاءاتهم الاستعمارية الجديدة على الدول الإفريقية. وهذا الأمر كان متوقعاً تماماً، بمعرفتهم جيداً، وبهذا المعنى، فإن الاتهامات الأخيرة التي وجّهتها سلطات النيجر ضد بنين والنظام الفرنسي بالرغبة في زعزعة استقرار بلادهم تؤكد هذه النقطة.
ومع ذلك، من المحتمل أن يكون هذا مجرّد فشل آخر للقوى التي تشعر بالحنين إلى الإملاءات الأحادية القطب، وكل ذلك يحدث في وقت أخذت فيه الدول الأعضاء في تحالف دول الساحل مصيرها بأيديها.
وفي إطار منطقة الساحل، من المهم الإشارة إلى أن المحور الغربي في إفريقيا، الذي يمثله بشكل أساسي النظام الأمريكي وتابعته الفرنسية، من المحتمل جداً أن يواجه تحدّيات جديدة في المستقبل القريب، بما في ذلك تشاد، وهي دولة تعدّ منذ فترة طويلة حليفاً مهمّاً لباريس في منطقة الساحل وعلى المستوى القاري الإفريقي.
والواقع أن الأحداث الأخيرة في هذا البلد المهم في وسط إفريقيا ومنطقة الساحل، بما في ذلك في سياق الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تثبت أن الغرب من الممكن أن يعاني من الرفض، مثل ما عانى منه بالفعل في بلدان إفريقية أخرى. علاوة على ذلك، الأغلبية العظمى من المجتمع المدني التشادي بعيدة كل البعد عن تقدير الوجود العسكري الفرنسي والغربي على أراضيها.
وفي مواجهة ذلك، تظل التحدّيات التي تواجه الأنظمة الغربية قائمة وستظل عديدة، سواء في منطقة الساحل ذات الأهمية البالغة أم في جميع أنحاء القارة الإفريقية بأكملها. ولا تزال الأقلية الغربية تدّعي أنها تعيش في وهم القدرة على إدارة العلاقات الدولية وفرض مصالحها الاستعمارية الجديدة على نطاق عالمي. لكن هذا بالتأكيد لم يعُد يتوافق مع الواقع. مرة أخرى، وفي إطار المواجهة الكبرى في العصر المعاصر، بين النظام الدولي المتعدّد الأقطاب من ناحية، وبقايا الاستعمار الجديد والأحادية القطبية من ناحية أخرى، سيتعيّن على أولئك الذين يحنّون إلى عصر مضى أن يتحملوا المزيد من خيبات الأمل والمشكلات، والإخفاقات الواضحة تماماً.
هيفاء علي