شهادات بمسرح زيناتي قدسية في حمص
البعث ـ نزار جمول
استطاع الفنان زيناتي قدسية، خلال سنوات قليلة، فرض نفسه ومسرحه على خشبة مسرح حمص بحرفنة المونودراما وحيوية المخرج والكاتب، والممثل بالتعاون مع فنانين لهم باع طويل في العمل المسرحي، وإعطاء الفرصة لكوكبة من المواهب الشابة.
وفي عرض “الرأس والذنب” الذي قدمه قدسية على خشبة مسرح دار الثقافة، يومي السبت والإثنين الماضيين، بعرضين جماهيريين، حاول قدسية كعادته إعطاء عرضه زخماً جماهيرياً منذ بدايته عندما دخل للخشبة محاوراً ممثليه من عمق الصالة لتكون البداية متناغمة مع ما يريد إيصاله للمتلقي بلغة بسيطة، وحبكة مسرحية مدروسة بعناية فائقة، وفي الوقت ذاته لم يخرج عن سير العرض الدرامي حيث سرعان ما برمجه كما من المفروض أن يسير.
قدسية في هذا العرض البريختي لم يتخل عن عناصره الأساسية، فاعتمد على ممثلين نفذوا ما طلبه على الخشبة بدقة متناهية، وجاء هذا العرض كحكاية شعبية حاول كاتبها ومخرجها وبطلها قدسية نبش الماضي إبان الاحتلال العثماني لسورية، وتقديمه كوجبة دسمة ليسلط الضوء من خلاله على الوضع الراهن والمعاناة التي تعيشها حالياً سورية.
ولم يخف قدسية أن حكايته التي قدمها باللغة الفصيحة المبسطة اقتبس ما تيسر له لتكتمل حكايته من مسرحية قديمة للكاتب اليمني علي أحمد باكثير، معداً العرض جزءاً ثانياً لعرض “جحا والأصهب” .
الفنان أمين رومية رئيس فرع نقابة الفنانين بحمص أكد أن قدسية بقدومه إلى حمص، والتعاون المثمر مع فرع النقابة ترك أثراً كبيراً على الحركة المسرحية، خاصةً أنه أحد أعلام فن المسرح في الوطن العربي، ورائد فن المونودراما، ومبيناً أنه تم إحياء مسرح حمص مع قدسية لينبعث من جديد مع نخبة من المسرحيين في حمص الذين دأبوا على تقديم عروض مسرحية على مدار العام، وأن حمص سكنت في وجدان الفنان قدسية قبل أن يسكنها وقدم فيها عروضاً مسرحية متعددة ومتنوعة لم تغب عن ذاكرة جمهور حمص المتذوق للفن والمسرح، كما أنه أحد أهم المساهمين في إحياء مهرجان حمص المسرحي الذي قدم فيه عروض المونودراما على مدى سنوات مضت.
وأوضح رومية أن حمص أغرت الفنان قدسية بجمهورها العاشق للمسرح، واهتمام المعنيين بالشأن الثقافي والفني، وليأت التعاون الأولي مع فرع نقابة الفنانين بعرضين متتاليين “أبو زيد الهلالي وكوميديا أخوة الجنون” اللذان قدمهما قدسية باسم فرع النقابة في عدد من المحافظات كحماة وطرطوس ودمشق، ولتتوالى العروض لقدسية بالتعاون مع دائرة المسرح القومي بعد أن أسس فرقته الخاصة مع فنانين مخضرمين، وفريق من المواهب الشابة الطامحين لإتقان فن المسرح، الذي أغنى قدسية تجربتهم من خلال مشروعه المسرحي الجديد “المسرح الاحتفالي” الذي اعتمد فيه على الموروث الشعبي، مدعوماً بأداء عفوي من قبل الممثلين وإشراك جمهور المسرح بالعملية الإبداعية.
أما إفرام دافيد، مخرج وممثل وأحد أفراد فرقة قدسية، فعدّ العمل فخراً كبيراً من خلال الوقوف أمام قامة مسرحية كبيرة ومسؤولية كبيرة وصعبة على أي ممثل، فهو مدرسة للمسرح الحقيقي، وبقدومه إلى حمص واستقراره فيها غيّر معادلة الحركة المسرحية لأنه درس بشكل ساحر جمهور المسرح ومسرحييه، كما كسر الروتين المسرحي، فهو لا يعتمد على الديكور والإضاءة بل يركز على الممثل لكونه الأساس وبقية التفاصيل مكملة، مبيناً أن مسرح قدسية هو مسرح احتفالي يمكن أن يعرض في أي مكان لأنه لا يحتاج للديكور والإضاءة.
حسين عرب، مخرج وممثل، يرى أن العمل مع الفنان قدسية مهم جداً فهو مدرسة كبيرة، لأنه أضاف إليه وإلى الحركة المسرحية في حمص الكثير، مبيناً أنه لم يسبق لفرقة مسرحية أن قدمت ثمانية أعمال مسرحية خلال سنة ونصف أو سنتين.