بقيادة فتح الله.. الأعمال الموسيقية الآلية لعبد الوهاب في دار الأسد
ملده شويكاني
موسيقا مقدمة أغنية “ليلة حب”ّ التي غنتها أم كلثوم من ألحان محمد عبد الوهاب، وتميزت بمقدمتها الموسيقية التي أصبحت رمزاً من رموز الزمن الجميل ومن جماليات فنّ الرقص الشرقي، هذه المقدمة المحمّلة بالمشاعر الوجدانية، كانت حاضرة في الأمسية الراقية التي قدمتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله في دار الأوبرا، وحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح.
وقد خُصصت هذه الأمسية للموسيقا الآلية من دون تأثير الصوت والكلمة وفق أحد أهداف الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بنشر الموسيقا العربية والشرقية الآلية، فقدمت الفرقة مختارات من مؤلفات موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي ارتبط اسمه بأمير الشعراء أحمد شوقي، وكتب العديد من الأعمال للموسيقا الآلية، إضافة إلى مؤلفاته للألحان الغنائية ضمن قوالب الموسيقا العربية الكلاسيكية التي ألّفها لنفسه ولغيره من المطربين، خاصة أم كلثوم، إلى جانب تلحينه الأناشيد الوطنية، كما كان بطل أفلامه الغنائية في مرحلة الأفلام السينمائية الكلاسيكية.
والملفت الحضور الكبير للكبار والشباب ما يدل على تأثير عمالقة موسيقا الزمن الجميل على تعاقب الأجيال، فقد أصغى الجميع بشغف إلى خيارات المايسترو عدنان فتح الله، مستحضرين أجمل الذكريات بتأثير الصور الصامتة على الشاشة للموسيقار محمد عبد الوهاب.
ولم يقتصر الجهد الأكاديمي الذي قدمته الفرقة بالعزف فقط، إنما بمساهمة المايسترو عدنان فتح الله وكمال سكيكر بتوزيع بعض المقطوعات، بالإضافة إلى عمل جورج موسى وسيف درويش بالإعداد والتدوين، وكانت المفاجأة بآلة القربة.
وخلال الأمسية، ارتأى المايسترو عدنان فتح الله تقديم مقطوعات متدرجة بالعمق الموسيقي، فبدأ مع الوتريات وآلات التخت الشرقي والأكورديون ومن ثم انضمام آلات النفخ الخشبية والغيتار، وبعدها النحاسيات كاملة مع التيمباني والطبل الكبير، فبدأت بعزف موسيقا “بلد المحبوب” مع الوتريات والإيقاعيات الشرقية، ثم “خطوة حبيبي” من إعداد وتوزيع عدنان فتح الله بدور الأكوردين بالصولو، ومن ثم الناي والأكورديون مع تشكيلة الفرقة.
أما “بنت البلد” من إعداد وتدوين سيف درويش، فتميزت بصولو الكمان، الذي امتد تأثيره لتبدأ الجمل اللحنية اللاحقة بالكمان ومن ثم تتابع الإيقاعيات والفرقة، ليتغير النمط اللحني مع “لونغا عزيزة” من توزيع عدنان فتح الله، وهي إحدى روائع محمد عبد الوهاب على قالب اللونغا بتقسيم المقاطع إلى خانات ثم تسليم يأخذ اللحن الأساس ويتكرر بين الخانات، فتصاعدت الألحان السريعة بالتسليم.
قصيدة “النهر الخالد” باللغة العربية الفصحى التي كتبها الشاعر محمود حسن إسماعيل، ولحنها محمد عبد الوهاب عزفت الفرقة موسيقاها ووزعها كمال سكيكر، مبتدئة بنغمات التشيللو الحزينة ومن ثم التشيللو مع الوتريات ودور الناي والعود مع الفرقة.
وفي مقطوعة “الفنّ” ـ إعداد وتدوين سيف درويش ـ تمضي الألحان مع فاصل القانون ودور آلات التخت الشرقي.
رائعة محمد عبد الوهاب في مقدمة “ليلة حبّ” أثارت تفاعل الجمهور مع دخول الغيتار وصولو الأكورديون ومن ثم الموسيقا المنسابة برقة وإيقاع، لتتصاعد مع اللحن الشرقي الراقص، بدخول آلات النفخ الخشبية.
لتتابع الفرقة موسيقا “الحنة”ـ إعداد وتدوين جورج موسى ـ وصولو التشيللو لتصاعد الألحان مع الفرقة، وتعمقت الموسيقا بزخم أكبر بدور النحاسيات بموسيقا الخيام ودور الباصون والإيقاعيات القوية للتيمباني والطبل الكبير، وتابعت النحاسيات دورها أيضاً في موسيقا “حياتي”، لتأخذ آلات النفخ الخشبية دورها وخاصة الفلوت والباصون.
أما “هدية العيد”- إعداد وتدوين سيف درويش- فكانت مختلفة بموسيقاها بصولو ومرافقة آلة القربة -المزمار المصري- الآلة التراثية الشعبية التي يكثر وجودها في موسيقا الصعيد، وتألقت بتوزيع جميل جداً لآلات الفرقة كاملة مع فاصل إيقاعي.
واختُتمت الأمسية بمقدمة موسيقا نشيد القسم بدور التيمباني والباصون مع الفرقة.
وبعد الأمسية، أعرب الجمهور عن جمالية هذه الأمسية الراقية، التي أغنت فيها الموسيقا الآلية الذائقة الموسيقية والذاكرة.