ست الدنيا دمشق.
وائل علي
لا أعتقد أن أحدا يمكنه أن ينسى ما كتبه الشاعر العربي الدمشقي السوري الكبير الراحل، نزار قباني، مخاطبا مدينة بيروت في قصيدته الشهيرة “يا ست الدنيا يابيروت”، وهو يدعوها للنهوض من براثن الحرب المجنونة التي نهشت لحمها وقطعت أوصالها، طوال سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي..
ولما أتى السوريون الدور، وأدخلونا في أتون حرب دموية طاحنة لئيمة حاقدة لم تبق ولم تذر طالت شامنا وحلبنا وسائر مدائننا وسوريتنا، أدركنا وتيقنا وعرفنا كم كنا محسودين ومستهدفين في أرضنا وجذورنا وسمائنا وتاريخنا وحاضرنا، وإنساننا الذي لم يعرف إلا الحب والوئام والوداد والإيمان السامي. ولأننا صمدنا، سنقول ما قاله شاعرنا لبيروت لننادي أن قومي يا دمشق، وانهضي سريعا، من تحت الركام والدمار والرماد كطائر العنقاء، وانفضي الأوجاع والأحزان، واغسلي وجهك بماء طهرك وعطر ياسمينك، لأننا لن نتوه بعد الآن عنك، وسنتمسك ونتشبث أكثر من أي وقت مضى بترابك المخضب بدماء الأنقياء الشرفاء والشهداء، وسنهزم وجه القوة والقتلة والدخلاء ومغتصبي الأوطان وسارقي ثرواته والمعتدين والفاسدين والمستغلين والانتهازيين، وسنهديك الوردة الشامية، وعبق الحبق الفواح، وعطر الليل، ورائحة أزهار الليمون المنعشة، وغصن التين والزيتون وحمامة السلام، وحبة القمح الأوغاريتي، ورقم أول أبجدية مكتوبة ونوتة موسيقية معزوفة، وفسيفساء إيبلا وماري والمدن المنسية، ورمزية نهر بردى الخالد، ونحمي ونحفظ أمانة أقدم مدينة ومدنية ونكبر على المحن والمصائب وننتصر..