قراءة في كتاب “التخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية… أداة عملية”
علي اليوسف
تعريف
التخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية بقلم كاسبارف. فان دن بيرغ صادر عام 2017 عن المعهد الهولندي للديمقراطية متعدد الأحزاب التابع للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات (أي دي إي إيه) .
والمعهد الهولندي للديمقراطية هو منظمة للمساعدة في دعم الأحزاب السياسية، والمساعدة في عملية الحوار بين الأحزاب السياسية، والتطوير المؤسساتي للأحزاب، وشبكات التعاون بين المجتمع السياسي والمجتمع الأهلي.
تقع الدراسة في /5/ فصول تتراوح بين التخطيط السياسي للأحزاب السياسية في سياقه الأوسع، وبدء عملية التخطيط الاستراتيجي، والتحليلي الداخلي والخارجي، وصياغة الخطط.
استهدفت الدراسة بشكل محدد أحزاب من شرق أوروبا، وآسيا، وأفريقيا، والتي جميعها لا تنطوي تحت مسمى الأحزاب الأيديولوجية (أحد الأحزاب في جورجيا 2010- 2011، موزمبيق 2012، جنوب أفريقيا حزب المؤتمر، حزب العمال في استراليا، التحالف الثوري الشعبي الأمريكي في البيرو).
مقدمة
كثيراً ما تضطر الأحزاب السياسية للتركيز على أزمات خارجية تواجهها في الأمد القصير، على حساب وضع إستراتيجياتها للأمدين المتوسط والطويل، وتطوير هياكلها التنظيمية الداخلية بما يدعم تحقيق تلك الاستراتيجيات.
وهذه الدراسة تساعد الأحزاب السياسية في معالجة هذه القضية، بالتركيز على أهمية التخطيط الإستراتيجي كوسيلة لتقوية قدراتها للمشاركة في التعلم المؤسسي وللاستجابة تجاه الظروف المتغيرة. كما تهدف الدراسة إلى تقديم أداة عملية لمساعدة الأحزاب السياسية في تطبيق التخطيط الإستراتيجي، وتقديم المساعدة للجهات المعاونة والأحزاب السياسية على حدٍ سواء، بمنهجية الخطوة بخطوة لتطبيق عملية التخطيط هذه.
الملفت في استهلال الكاتب أنه ركز على فكرة أن الأحزاب السياسية الناشئة تطمح إلى أن تحكم دولاً، على الرغم من أن الأحزاب ذاتها تفتقر إلى القدرة على أن تحكم نفسها، لأن هناك دائماً حالة من الشد والجذب داخل الأحزاب السياسية ذاتها، فكثيراً ما تضطر الأحزاب السياسية للتركيز على أزمات خارجية تواجهها في الأمد القصير على حساب وضع استراتيجياتها للأمدين المتوسط والطويل، وتطوير هياكلها التنظيمية الداخلية، وهذا ما يؤدي إلى إضعاف فرص بقاء الأحزاب السياسية على المسرح السياسي المتقلب، ولاسيما في الدول الناشئة.
لحظت الدراسة أن ذلك يؤدي أيضاً إلى إضعاف ثقة الجمهور في الأحزاب السياسية، مركزة على أن امتلاك القدرة على النظر إلى المستقبل، وتوقع التطورات المستقبلية هي وحدها تتيح للأحزاب السياسية أن تستعد بما يكفي لمواكبة تطورات الأحداث.
توضح الدراسة أن الأحزاب السياسية في جميع أنحاء العالم بوسعها أن تعيد بناء نفسها، فبعض الأحزاب من الأرجنتين إلى جنوب أفريقيا واستراليا يحتم عليها التطوير ، فظهور الحركات الاحتجاجية من تشيلي وتايلاند وضع تلك الأحزاب السياسية أمام تحد لإيجاد طرق جديدة لتمثيل شعوبها التي اجتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهل تعبير المواطنين عن أرائهم السياسية، وهذا بحد ذاته يشكل تحد آخر أمام الأحزاب السياسية.
يتضح من الدراسة أنها دليل عمل استرشادي لتقديم المساعدة للأحزاب السياسية الناشئة ومساعدتها في الإعداد لعمليات التخطيط الاستراتيجي وتنفيذها بهدف تعزيز القدرات التنظيمية للأحزاب، والتي يمكن أن تقوي الحزب السياسي، وتحقيق أهدافه لأن التخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية يعطيها الفرصة للابتعاد عن الأنشطة والمخاوف اليومية لصالح المزيد من التأمل في القضايا الجوهرية طويلة الأجل، خاصةً أن التخطيط الاستراتيجي يساعد على زيادة المناقشات الداخلية، وتكوين الأفكار، بل جمع أعضاء الحزب حول أهداف مشتركة.
تلخص الدراسة فوائد التخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية بما يلي:
- يتيح التخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية وهياكلها التنظيمية تعزيز أدائها والاستجابة بمزيد من السرعة /النجاح/ للظروف المتغيرة.
- يمكن للتوجه الاستراتيجي أيضاً أن يعزز الفهم والقدرة على التعلم المؤسسي.
التخطيط السياسي للأحزاب السياسية
تركز الدراسة هنا على العمل التنظيمي في البيئة المتغيرة، لأن هذه البيئة من شأنها أن تؤثر على الحزب داخلياً وخارجياً، ومن ثم على نجاحه في تحقيق أهدافه. ومن خلال هذا البحث قدم الكاتب مقترحات وطرق لكيفية تعامل الأحزاب السياسية مع ما يقع، وما يحتمل وقوعه من تغيرات لجهة النمط الاستباقي، ونمط التكيف، ونمط رد الفعل، ونمط التغير الذي تفرضه البيئة، مركزاً على الإستراتيجية بشكل خاص.
ثم انتقل الكاتب إلى التطور التاريخي للتخطيط الاستراتيجي، والإدارة الإستراتيجية، وعّرفها بأنها نشأت كممارسة تنظيمية في الدول الصناعية أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، حين كانت الشركات الصناعية تواجه تحديات نتجت عن التحول من نظام اقتصاد يحركه العرض إلى نظام اقتصاد يحركه الطلب، حيث كان لذلك التحول أثرين هامين على تلك الشركات: أولاً صار التسويق موضوعاً متزايد الأهمية، ثانياً برز التخطيط بعيد المدى كمسألة مصيرية، ليعود الكاتب ويشير إلى مراحل أربعة للتخطيط الاستراتيجي للأحزاب السياسية كالتالي:
- بدء عملية التخطيط الاستراتيجي وتصميمها:
يركز الكاتب هنا على الجهات (المعاونة) والاستشاريين الذين عادة ما يكونون خبراء في السياسة والتنظيم المؤسسي.
- التحليل الداخلي والخارجي:
بعد الانتهاء من الأعمال التحضيرية، يحين الوقت لفريق التخطيط الاستراتيجي أن يشرع في أعمال، ووظيفة التحليل، بما يضمن أن الخطة التي ستنتهي إليها عملية التخطيط ستكون واقعية وقابلة للتنفيذ، حيث يساعد هذا التحليل على وضع رؤية ورسالة الحزب. وهنا أوردت الدراسة أمثلة عن (حزب العمل الاسترالي- أحد الأحزاب في جورجيا- جنوب إفريقيا والمؤتمر الوطني الأفريقي).
- صياغة الخطة:
تركز الدراسة هنا على تحديد المسائل الإستراتيجية وتقييمها، وصياغة الاستراتيجيات، واستعراض الخطة الإستراتيجية واعتمادها ( أحد الأحزاب في جورجيا- حزب العمال الاسترالي).
- نحو التنفيذ والتقييم:
هنا توجه الدراسة إلى أن التقييم بعد التنفيذ يجب أن يوجه نحو الجانب الإجرائي، والوقوف على نقاط القوة والضعف، حيث تتيح هذه التقييمات معلومات مهمة بشأن ما ينبغي القيام به في الدورات المستقبلية (بيرو والتحالف الثوري الشعبي الأمريكي).
أخيراً، ختمت الدراسة معطياتها ببرامج العمل المطلوبة، والإضاءة على منهجية العمل المقدم للأحزاب السياسية في الأمثلة المذكورة أعلاه، وبناءً عليه عقد المعهد الهولندي اجتماعات للأحزاب السياسية الناشئة المستهدفة في الدراسة، فقد عقد اجتماع- ورشة عمل- في العاصمة تبليسي أعقبه حلقات عمل لمدة يومين مع الاستشاريين وفريق عمل المعهد الوطني الهولندي، وكذلك انسحب الأمر على موزمبيق واستراليا.. إلخ.
تفاصيل
تاريخ النشر: 17 آذار 2017
لغات النشر: الانكليزية- الاسبانية- الفرنسية- العربية.
المؤلفون: كاسبار إف فان دن بيرغ، كاتي بيري، سام فان دير ستاك، ليفان تسوتسكيريدزي.
عدد الصفحات: 84 صفحة.
الناشرون المشاركون.
المعهد الهولندي للديمقراطية التعددية.