جيلٌ كامل يفصل أوروبا عن اللحاق بروسيا
تقرير إخباري
في أخطر تصريح له على الإطلاق منذ تصاعد الأزمة بين روسيا والغرب الأوروبي تحديداً على خلفية العقوبات الأحادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، تماشياً مع الرغبة الأمريكية في محاصرة روسيا وإضعافها، وصولاً إلى هزيمتها استراتيجياً وتحويلها إلى دولة فاشلة لاستعمارها ونهب ثرواتها، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن موافقته على فكرة أن “أوروبا لن تكون على مدى جيل واحد على الأقل، بمنزلة شريك لروسيا”.
بهذا الشكل، علّق الوزير على تصريح بهذا الخصوص لديمتري ترينين، مدير العلوم في معهد الاقتصاد والاستراتيجية العسكرية العالمية، وعضو مجلس السياسة الخارجية والدفاعية.
وقال لافروف: “لا يمكنني إلا أن أوافق على ذلك، نحن نشعر بهذا الأمر عملياً كل يوم تقريباً. هناك العديد من الحقائق، التي تتحدث لمصلحة مثل هذه التوقعات. نحن نعدّ هذه التوقعات صحيحة”، فما هي هذه الحقائق التي يتحدّث عنها لافروف بعيداً عن منطق الخصومة التقليدي.
ربما كانت الإشارة واضحة إلى أن أوروبا ممثلة بالاتحاد الأوروبي خسرت كثيراً من رصيدها على خلفية الصراع مع روسيا، فالأمر فيه حديث عن فقدان الطاقة الرخيصة الروسية على مدى جيل كامل، بل أكثر من ذلك، إنه تخلّف عن النمو في روسيا التي أصبحت الآن عاشر دولة في العالم في سرعة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتخلّفٌ عن التقدّم في جميع المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية يفرضه طبعاً هاجس “روسوفوبيا” الذي ابتدعته أوروبا، وبالتالي هناك فساد للعلاقات مع روسيا قد يستغرق ترميمه جيلاً كاملاً.
ووفقاً للوزير لافروف، باشر الغرب بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد، في الترويج لـ”أطروحة جديدة كاذبة بشكل علني” تتلخّص في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لن يتوقف عند أوكرانيا”، وهي في الحقيقة فكرة زرعتها واشنطن في ذهن الأوروبيين الذين يعترفون فعلياً بأنهم عاجزون عن ردع روسيا، وبالتالي هم يسوّقون في الحقيقة لعجزهم.
فالعمل جارٍ كما يقول لافروف “على خط استعادة حجم جيوش الدول الأوروبية وتعزيز استعدادها القتالي، ونقل المجمعات الصناعية العسكرية لدول الناتو إلى وضع الحرب، وقد بدأ العمل، الذي لا يزال في مرحلة المفاهيم، لوضع ملامح تشكيل تحالف عسكري أوروبي بعنصر نووي”، ولكن هذه المرة بوكالة أوروبية كاملة عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقف في الظل.
وأشار لافروف إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل وآخرين، حول حرب حتمية مع روسيا. وتابع الوزير: “قال أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف يشنّ حرباً ضد بلادنا منذ عام 2014”.
ولكن لافروف لا يتخلّى كعادته عن دبلوماسيّته المعهودة التي عبّر عنها بقوله: إن “روسيا تظل منفتحة على الحوار مع الغرب، بما في ذلك بشأن قضايا الأمن والاستقرار الاستراتيجي، ولكن ليس من موقع القوة والحصرية، بل فقط على قدم المساواة ومع احترام كل طرف لكرامة الطرف الآخر”.
وعلى اعتبار ما سيكون بعد استنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية، ربّما سيتعيّن على أوروبا أن تنتظر، زمنياً، جيلاً كاملاً حتى تتمكّن من إصلاح ما خرّبته من علاقات ذهبية مع روسيا الصاعدة، وعندها لن ينفع الأوروبيين الندم.
طلال ياسر الزعبي