ثقافةصحيفة البعث

“ران على قلوبهم”.. رواية واقعية لمن جار عليها الزمان

أمينة عباس

تتابع دار “توتول للنشر” الاحتفاء بإصداراتها التي تسعى من خلال معظمها إلى مدّ يد العون لأصحاب التجارب الأولى في عالم الكتابة، وكان آخرها حفل التوقيع الذي أقامته، مؤخراً، في المركز الثقافي العربي بـ”أبو رمانة” لرواية “ران على قلوبهم” للكاتبة فاطمة نور الدين في أولى تجاربها الروائية.

يقول مدير الدار الكاتب محمد أحمد الطاهر: “من بين أهداف الدار مساعدة وتشجيع الهواة في الكتابة ونشر أعمالهم، بدليل أنها تقيم مسابقة سنويّة يشاركون فيها، وقد حقّق عدد منهم مراتب متقدمة فيها، ولا أعدّ تشجيع هؤلاء مغامرة كما يعتقد بعضهم، فقد أثبتت التجارب أنهم مبدعون حقيقيون بعد أن أتاحت الدار المجال لهم لإبراز مواهبهم”، موضحاً أن هذه الرواية اجتماعيّة تحكي عن معاناة المرأة الريفيّة مع الذكر الذي يلغي شخصية الأنثى في مجتمعها، فلا يبقى لها مجال لتبدي رأيها في أكثر الأمور المتعلقة بها: “الرواية تحمل الكثير من الأوجاع في طياتها لتعبّر عن معاناة حقيقيّة عاشتها الكاتبة وجسّدتها في الرواية لتسلّط الضوء على المرأة المقهورة التي توجد في بيئة لا توافق أحلامها، فنرى البطلة صفية تعاني اضطهاد وكبت أحلامها وعدم قدرتها على التعبير عن آرائها”. ويبيّن الطاهر أن الرواية من الناحية الفنية تعتمد على فصول عدّة كُتِبَت بلغة سرديّة جميلة مفعمة بالحوارات الاجتماعيّة والعبارات العاميّة أحياناً والتي تسهّل على القارئ فهم الرواية والغوص في أعماقها وتفاصيلها: “على الرغم من طول الرواية واتساع مساحات الفصول فيها، لكنها لا تخلو من الإدهاش، وكثيراً ما نجد عبارات فيها لغة ساحرة من خلال الحوارات التي تدور بين شخصيات الرواية”.

كتبت فاطمة نور الدين في روايتها عن ظلم صفية من قبل أبيها أولاً عندما أجبرها على الزواج في عمر صغير، ومن ظلم زوجها فيما بعد الذي اعتاد على ضربها وإهانتها، وعن الثمن الباهظ الذي تدفعه المرأة حين تقرّر الخروج عن العادات والتقاليد البالية، فتصبح هدفاً للأب والأم والأخ والعائلة والمجتمع الذي تعيش فيه، وأكدت أن ما جاء في الرواية قصة واقعية: “كتبتُها بحروف من ألوان الصباح وهمسات من أوراق الضياء، صنعتها من عبرات صفية ومثيلاتها التي لو سُكِبَت على أرض جرداء لأحيتها وأنبتت فيها سنابل مكتنزة الخير والنماء، فمن مثلها جار عليها الزمن وأبقاها بين طيات التيه حزينة باكية، حزنت من أجلها فحملت القلم والدفتر ورحت أغوص في ظلمات الواقع، فكانت “ران على قلوبهم” روايتي الأولى التي تحدثتُ فيها عن المجتمع الذكوري وظلم المرأة في المجتمع العربي، والريفي خاصة، سواء من قبل الزوج أم الأب أم المجتمع بشكل عام، وأنا لم أكتب ضد الرجل، إنما ضد بعض النماذج، وختمتُ الرواية بطلاق صفية من زوجها والعودة إلى بيت أهلها على أن أستكمل رحلتها مع الحياة في الجزء الثاني من الرواية”.
ولأن الكتابة كما أشار الكاتب الدكتور أحمد البيطار في مداخلته ليست مجرَّد حبر يُنفَّذ على الورق وليست حروفاً تُكتب بلا هدف أو سبب عكست الرواية روحاً على هيئة كلمات مطويَّة بين ثنايا الورق من خلال قدرة الكاتبة على تصوير ما عانته بطلة الرواية والتحديات التي واجهتها كامرأة ريفية: “ملامح باكية في ذاك الركن الركين، تبكي كطفلٍ بائسٍ حزين، تلبسُ ثوباً بلونِ الياسمين، كملاكٍ هاربٍ من زيفِ السنين، تجلسُ وحيدةً بوجهِ بائسٍ حزين، تلك الحزينة هي أنا، تلك الحزينة هي نحن، تلك الحزينة هي أنا التي تمتصُّ غضبَ الآخرين، احتمل حتى ملَّني الاحتمالُ وقالَ: ألا تسأمين؟”.