ميناء غزة العائم… مشروع أمريكي بغلاف إنساني
تقرير – سنان حسن
مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تشغيل ميناء غزة العائم، لإيصال المساعدات إلى القطاع الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي غير مسبوق، بدأت الأهداف والغايات الكامنة وراء هذا الميناء تظهر إلى العلن ولعل أبرزها التواجد الأمريكي العسكري المباشر في غزة، على الرغم من أن البنتاغون أعلن سابقاً، أنه لن يكون هناك تواجد لأي جندي أمريكي على أرض غزة، ولكن ما تم الكشف عنه من صور يؤكد عكس ذلك، فمنظومات الدفاع الجويC-RAM ونظام m-lids لمكافحة الدرونات، احتلت شواطئ غزة بإدارة جنود أمريكيين، ما يعني أن واشنطن تعمل على تنفيذ أجنداتها من البوابة الإنسانية.
مع إعلان الرئيس الأمريكي جون بايدن في خطاب الاتحاد في شباط 2024 عزمه إقامة ميناء عائم في غزة لإيصال المساعدات إلى القطاع الذي، يمنع كيان الاحتلال دخول المساعدات إلى مدنه وبلداته والتأويلات والتحليلات بدأت تخرج إلى العلن، فواشنطن التي أظهرت الأحداث أنها تدير الحرب الإسرائيلية على غزة كانت تهدف أولاً إلى تخفيف الضغط على الكيان الإسرائيلي مع تزايد الانتقادات الدولية بسبب حرمانها أكثر من مليونين من الغزاويين من أساسيات الحياة (غذاء – رعاية صحية)، وإخراج نفسها أمام هذه الدول والمنظمات العالمية أنها متواطئة في الحرب من بوابة افتتاحها المعبر رغماً عن “إسرائيل”، وبالتالي سنرى في الإعلام من يهلل لواشنطن وموقفها الأخلاقي والإنساني في مساعدة أهل غزة. لكن من جهة أخرى، فإن توجيه المساعدات الأممية والدولية لتكون من بوابة الميناء واشتراط تسليمها من خلال برنامج الأغذية العالمي، يعني عملياً إلغاء دور وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وهذا ما تسعى إليه “إسرائيل” حتى قبل العدوان على غزة، والأمر الثاني سحب البساط من تحت الفصائل الوطنية الفلسطينية وتسليم الإدارة لمجموعات تعمل بإمرة الأمريكي بشكل مباشر.
أما الأمر الثالث الذي سعت واشنطن لإظهاره هو تهدئة الشارع الأمريكي الرافض لسياسات الديمقراطيين في فلسطين ومساندتها لـ”إسرائيل” وإمدادها بالسلاح، حيث تعالت الأصوات الديمقراطية العلنية الرافضة لهذه الحرب والمطالبة بوقف الدعم الأمريكي لها، تصريحات السيناتور بيرني ساندرز مثال، طبعاً دون أن نغفل الاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت الجامعات الأمريكية، وباتت تشكل عبئاً كبيراً على إدارة بايدن وحزبه قبيل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
ولكن الأخطر في المخطط الأمريكي بدأ يظهر إلى العلن مع نشرها قوات ومنظومات أمريكية على أرض غزة، فوجود القوات الأمريكية سيكون له دور كبير في الترتيبات الأمنية لليوم التالي للحرب على غزة، ويمنح الجيش الأمريكي فرصة إقامة قواعد مباشرة على أرض فلسطين وبشكل علني، ويمنح واشنطن الفرصة لتأمين حقول الغاز الفلسطيني في حقل مارين قبالة سواحل غزة، ووضع اليد عليها بحجة استثمارها لصالح الشعب الفلسطيني بعيداً عن فصائل المقاومة التي تواجه الكيان المحتل. كما يوفر الوجود الأمريكي المباشر في غزة تحقيق العديد من المشاريع الإسرائيلية في المنطقة بداية من شق قناة “بن غوريون” لتكون بديلاً عن قناة السويس، وليس انتهاءً عند إيصال مشروع سكك الحديد الذي تم الإعلان عنه في الهند والذي يصل إلى شواطئ البحر المتوسط.
فهل باتت الصورة واضحة من إنشاء ميناء غزة العائم؟.