ثقافةصحيفة البعث

معرض للعمارة الإسلامية وفن الأيقونات المسيحية الروسية

حمص- آصف إبراهيم

يمتزج فن الأيقونات المسيحية مع فن العمارة الإسلامية في المعرض الذي افتتحه المركز الثقافي الروسي، أمس الاثنين، بالتعاون مع وزارة الثقافة -مديرية ثقافة حمص- في قاعة المعارض بالمركز العربي، إذ يجمع بين عرض لأيقونات متحف “ريبلوف” العالمي ولوحات تضيء على تاريخ الإسلام في روسيا من خلال فن عمارة مساجدها، الذي يوضح التنوع والغنى الثقافي والحضاري في روسيا.

ويأتي المعرض الذي يُقام بفضل مجهود يبذله المركز الثقافي الروسي والرابطة السورية لخريجي الجامعات الروسية تعميقاً للتعاون والتفاعل الحضاري بين شعبي البلدين، ويقدّم مجموعة كبيرة من اللوحات التي تمثل بمقاسات مختلفة نماذج من فن العمارة الإسلامية المنتشرة في مختلف أصقاع الأقاليم الروسية، كما يضمّ عدداً من الأيقونات الأكثر أهمية والتي أبدعها فنانون روس معروفون عالمياً، منها ما يعود إلى القرن الثالث عشر حتى أوائل القرن الثامن عشر من مجموعة متحف “أندريه روبليف” في موسكو المتحف الحكومي الوحيد في روسيا المتخصّص في تخزين ودراسة وترميم أعمال الفن الروسي القديم.
وقد أنشئت أقدم أيقونة في المجموعة أيقونة المسيح الديان من الثلث الأول من القرن الثالث عشر في فترة ما قبل المغول، عندما كانت لوحة الأيقونات الروسية لاتزال على اتصال وثيق مع بيزنطة، استخدمت فيها تقنيات فنية مختلفة عن السائد، ولاسيما في أيقونة المخلص في النصف الثاني من القرن الرابع عشر.
وفي أيقونة رقاد السيدة وانتقالها إلى السماء يمتزج حزن الرسل الواقفين على فراش الموت مع ابتهاج الملائكة الذين يرفعون السيدة مريم العذراء إلى السماء، يشير التكوين المبنيّ بمهارة والأشكال المتقنة والألوان الغنية إلى تأليف “ديونسيوس” أفضل رسّامي موسكو في نهاية القرن الخامس عشر.
أصبحت الأيقونات الأيقونسطاسية منذ القرن الخامس عشر متعدّدة المستويات منتشرة على نطاق واسع في الكنائس الروسية في وسط صف “أوديسيوس” كرمز للمجيء الثاني توجد صورة المسيح في المجد، حيث يجلس على العرش السماوي وتحيط به القوات الملائكية، وترمز الأشكال الموجودة في زوايا التكوين إلى المبشّرين الأربعة،ويتميّز الأسلوب الفني، هنا، بالتلوين الرنان والرسومات المكررة.
في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مُجّد القديسون الروس الجدد وأنشئت أيقوناتهم من بينها صور القديس “سرجيوس رادونيج” مؤسّس دير ترينيتي سرجيوس ونفذت الصورة التي نشأت من كاتدرائية ديميتروف في ورشة “ثيودوسيوس” ابن الفنان الشهير “ديونسيوس” في عهد القيصر “ايفان غروزنوفو” ١٥٣٨ـ ١٥٨٤، وأصبح لون الأيقونات سميكاً وقاتماً عن عمد.
إن أيقونات القديس يوحنا المعمدان قديس الصحراء وأيقونة العذراء المرسومة على خلفية خضراء داكنة معبرة يصبح التعبير عن الوجوه ذات الحواجب المحبوكة بشكل مكثف والتجاعيد العميقة أكثر كثافة، تمّ تصوير يوحنا المعمدان شفيع الملك بأجنحة ترمز إلى حياة الملائكة المتساوية، كما تمثل أيقونة القيامة التي أقيمت على مشارف أرض نوفغورود انتصار المسيح على الموت، وتعدّ التصاميم المزخرفة والعاطفية في المظهر والإيماءات من سمات فن نوفغورود في ذلك الوقت تبدأ حقبة مهمة في تطور الفنون الجميلة الروسية.
في النصف الثاني من القرن السابع عشر، يلجأ رسامو الأيقونات إلى الثقافة الفنية لأوروبا الغربية، لكنهم يستخدمون الافتراضات في إطار التقليد الأرثوذكسي، ويتمّ تمثيل الأسلوب الاحتفالي الملوّن لمادة منطقة الفولغا من خلال أيقونة العذراء سيدة النجم المباركة.
الاتجاه الجديد لرسم الأيقونات الحضارية الحيوية مع رغبة الفنانين في جلب الطبيعة والأصالة إلى الأيقونة كان يرأسها “سيمون أوشاكوف” وكان من أتباعه “فيودور زوبوف” ومن أعماله أيقونة ميلاد السيدة العذراء.
وتتمثل المرحلة الأخيرة من هذا الأسلوب في أعمال “كبرييل أوليانوف” و”تتخوف فيلاتوف” من بداية القرن الثامن عشر، إذ توجد صورة رمزية لوالدة الآلهة كمصدر للشفاء والمساعدة الروحية الربيع الواهب للحياة في الجزء الداخلي من الكنيسة القوطية على أيقونة السيدة العذراء.
يُذكر أن متحف “أندريه روبليف” يحمل اسم أشهر رسامي الأيقونات في العالم الذي ولد في موسكو في الفترة بين ١٣٤٠ – ١٣٥٠، ومن أعماله الأكثر أهمية أيقونة “الثالوث” التي أبدعها في عشرينيات القرن الخامس عشر الميلادي.
وساهم “روبليف” في زخرفة ورسم جدران كاتدرائية البشارة في كرملين موسكو، وكُلّف برسم جدران كاتدرائية صعود العذراء في مدينة فلاديمير، بعد ذلك أصبح عنده تلاميذ ومساعدون، حيث تشكّل اتجاهه في الرسم وتشكلت مدرسته في عام ١٤٢٠م وترأس مع “دانييل تشورني” العمل في كاتدرائية الثالوث الأقدس في دير سيرغييف.