“قضية” تقنيات الميديا في عرض تجريبي ضمن عروض المسرح الجامعي
ملده شويكاني
“ينقذ سلاحف بحرية
يقتل حيوانات بشرية
تلك قضية وتلك قضية” بكلمات أغنية “تلك قضية” التي غناها أمير عيد، وقدمها فريق كايروكي، كلمات الشاعر مصطفى إبراهيم، دعماً للقضية الفلسطينية، وعلى وقع الضربات الإيقاعية الحزينة بدأ عرض “قضية” الذي قدمه فرع جامعة حلب ضمن عروض المسرح الجامعي بدورته الثامنة والعشرين على خشبة مسرح الحمراء.
ويأتي العرض بتأليف جماعي وإخراج إياد شحادة والإشراف الفني لنور نجمي، وينتمي إلى المسرح التجريبي.
ومن أغنية “تلك قضية” إلى إضاءة خافتة تمهيداً لقدوم الممثلين من الممرات حاملين لوحات بالأبيض والأسود لمجموعة فنانين تركوا بصمة على خشبة المسرح ابتداء من أبي خليل القباني إلى آخرين عبْر مراحل، منهم إسماعيل خلف وأحمد منصور وحمدي موصللي وفايز قزق ونضال سيجري، وغيرهم.
تشكّل جميعها نصف دائرة على جانبي المسرح وتتوزع على أرضيته مجسمات أحجار الشطرنج، السينوغرافيا الأساسية التي تتكامل مع فنية الإضاءة والتأثيرات الصوتية والموسيقا المنوعة والمؤلفة من مقاطع من موسيقا عالمية وأخرى رومانسية، وتتشعب وفقاً لأنماط الرقص، كما تدخل أجواء الموسيقا التصويرية بمقطع من موسيقا “أهل الغرام”، بالإضافة إلى شارة “ضبوا الشناتي” ـ سفرني ع أيا بلد وتركني وانساني بالبحر- فينطلق العمل من عالم افتراضي إلى عالم الواقع بمخاطبة البيدق وبقية العناصر.
ويعتمد المخرج بالدرجة الأولى على لغة الجسد من خلال حركات الأصابع والرقص التعبيري للممثلين الذين ينقسمون إلى قسمين يرتدي أحدهما الأبيض والآخر الأسود، ومن حواراتهم الانفعالية من خلال لوحات تطرح قضايا مجتمعية وإنسانية تتعلق بأزمة الخبز، وبالإعلام والبرامج السطحية، فيقحم لوحة باللهجة المصرية مستوحاة من أفلام الزمن الجميل بين شادية وأحمد، ومن وجهها الآخر تجسد غيرة الزوجة على زوجها الذي يعمل ممثلاً.
وتتعاقب اللوحات باللهجة الخليجية والتونسية لتصل اللوحات إلى خبر عاجل، يتحدث عن مسابقة الحلزون، في الوقت الذي لا تتخذ فيه الأمم المتحدة موقفاً إزاء القضايا الكبرى والمستعجلة التي تهدد الإنسانية.
التناقضات ليست فقط بالحوارات المقتضبة فقط، إنما عبّر عنها المخرج بشكل فني من خلال اللوحات الراقصة التعبيرية لتشابك الأيدي وتشكيل مشهد للقلب، وبالطرف الآخر باللون الأسود يكتب العنصرية.
كما تطرق العرض إلى إثارة المفاضلة بين المسرح النخبوي والتجاري.
الفاصل بالعرض هو استخدام المخرج تقنية مزدوجة بين الشاشة والخشبة بتأثير الإضاءة الخافتة ليعرض قبة المسجد الأقصى وصوت الآذان ومشاهد قصيرة متتابعة للمقاومة وأزيز الرصاص مع التأثيرات الصوتية، ومن ثم يأتي خطاب “أبو عبيدة” بصوته متحدثاً عن نصر المقاومة، ومستحضراً بعض آيات النصر من القرآن الكريم، منها من سورة “يس” “وجعلنا من بين أيديهم سداً، ومن خلفهم سداً، فأغشيناهم فهم لا يبصرون”.
في المشاهد الأخيرة تعود الشخصيات إلى البوح برسائل هادفة تتعلق بالفنّ والإبداع، وتؤكد دور الفنان بتبني رسالة يشغف بها ويعمل على نشرها، كما تحيي إحدى الممثلات الفنانين والمخرجين والكتّاب الذين حملوا قضايا الوطن، وفي الختام أشاروا جميعاً إلى دور المسرح الجامعي البناء والهادف: “من هنا سننطلق من المسرح الجامعي”.
وينتهي العرض بأغنية “الأمل الجاي ـ نحن الأمل الجايه”.
فكان العرض مجموعة أفكار شكّلت سياق النصّ، وقد لاقى تفاعلاً كبيراً من الجمهور الكبير، ولاسيما من طلاب جامعة حلب فأكثر من مائتي طالب قدموا من جامعة حلب لمتابعة العرض، وقسم كبير منهم من كلية هندسة العمارة.
وبعد العرض تحدثت “البعث” مع المخرج المسرحي والممثل إياد شحادة، الذي أشار إلى شغفه بتقديم المواهب وخلق جيل يحب المسرح قبل أن يتعلمه، وأوضح أن مشروعه بورشات إعداد ممثل على مستوى جامعة حلب مستمر، وقدم هذا العرض ما تم إنجازه للمشاركة بهذه الدورة في دمشق، ويعتمد على المسرح التجريبي، بفكرة سريالية ما بعد الواقعية وعلى إبراز التناقضات، ويبقى الصراع مستمراً فمنذ الخليقة يوجد الخير والشر، وعلينا إظهار الخطأ.
وفيما يتعلق بإدخاله مشهداً باللهجة المصرية، بيّن أن لكل شيء دلالته، وبعض رؤوس الأموال تنتج برامج سطحية، فهي محاولة منّا لتفريغ المحتوى بتنبيه الجيل إلى نبذ التهريج المجاني.
أما عن تقنية مشهد المقاومة، فعقب بأنه نفذ بتقنية “الداتا شو” وهي مادة فيلمية بالتزامن مع مؤثرات صوتية حتى تعبّر عن الحالة أو موقف معين، وكان الهدف من زج تقنيات متعددة بالعرض مثل، والتلغراف والداتا شو وبلاك آند ويف، لنقول بأنه يوجد تطور بلغة الميديا الجنرال، لكن هذا التطور لا يصاحبه تطور فكري، ونحن بحاجة إلى جيل يفكر ويحمل القضية.