السيناريو الفعال للدعم الزراعة
علي عبود
من الصعب جداً أن نقتنع بأن الحكومة تقدم دعماً فعلياً إلى القطاع الزراعي، فالسؤال الحاضر دائماً: أين يظهر هذا الدعم؟
وما من سوري إلا وسيسأل: ماجدوى دعم القطاع الزراعي إن لم ينعكس مباشرة على المنتج والمستهلك معاً؟
وإذا كانت وزارة الزراعة مقتنعة، على لسان وزيرها محمد حسان قطنا، بأن “الحكومة مستمرة بتقديم الدعم للقطاع الزراعي لأنه رافد للاقتصاد الوطني والتصدير والتصنيع وداعم للمواطن لتحقيق الأمن الغذائي واحتياجاته الغذائية ويحقق استقرار الفلاحين في أراضيهم واستمرارهم بزراعتها واستقرارهم في المناطق الريفية،” فلماذا الفلاح غير مقتنع بهذا الكلام؟
وقبل أن تعلن وزارة الزراعة عن “تحديد آليات ومنظومة جديدة للدعم الزراعي”، لتعترف أن الآليات المنفذة خلال السنوات الثلاث الماضية أخفقت بإنتاج احتياجات سورية التي تُصنف كبلد زراعي من السلع الغذائية وتحديداً الإستراتيجية كالحبوب، وبأنها لاتزال تستوردها بالقطع الأجنبي بعدما كانت من مصدريها!
ونستغرب الاهتمام بإقامة ندوات مثل “الدعم الزراعي والسيناريوهات المستقبلية” لتحديد ملامح الدعم الزراعي وتوصيفه وأساليبه وغاياته ومستقبله، في بلد لديه تجربة غير مسبوقة سواء في المنطقة أو العالم باعتماد نهج “الأولوية للزراعة”، منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وكان من أبرز ثمارها إنتاج احتياجات سورية من القمح مع فائض للتصدير.
والمستغرب أكثر أن يعلن وزير الزراعة أن الهدف من هكذا ندوات هو“الوصول إلى فكر منظم ورأي موحد يحدد أهداف وغايات وأشكال الدعم والتركيز على الدراسات البحثية الاقتصادية ومعرفة دور القطاع الخاص للخروج بمقترحات يمكن تطبيقها على أرض الواقع”.
ماذا يعني هذا الكلام؟
يعني أن وزارة الزراعة تتجاهل أن نسبة مساهمة الدولة في القطاع الزراعي بالكاد تصل إلى 1%، وبأن الدعم لهذا القطاع الذي هو قطاع خاص بالكامل تقريبا أتاح حتى عام 2010 تأمين احتياجات سورية من السلع الإستراتيجية، فلماذا مناقشة دعم نجح خلال أكثر من عقدين لاستبداله بدعم نتائجه لاتزال ورقية ونظرية؟
والمستغرب أكثر أن يقول معاون وزير الزراعة بوجود “إجماع للاستمرار بعملية دعم القطاع الزراعي وتوظيفه بالشكل الصحيح، لكن مع تعديل الآليات التي تضمن إيصال الدعم إلى مستحقيه”، فهل هذا يعني أن آليات الدعم السابقة حتى لو وصل بعضها إلى غير مستحقيها لم تنجح بتحقيق الإكتفاء الذاتي لسورية من السلع الأساسية وغيرها؟
نعم، وصلنا إلى مستوى غير متوقع لنناقش تجربة رائدة بدعم الزراعة، ونستبدلها بمناقشة تفاصيل مملة من قبيل “ أن المازوت الزراعي من وزارة النفط، والكهرباء الزراعية من وزارة الكهرباء، والقروض من المصارف.. إلخ” ،فهل هكذا نقاش في ندوات نظرية يُمكن بأن تكون البديل لتجارب ناجحة جدا؟
الخلاصة: قد يكون مهما معرفة هل الدعم المقدم كافٍ وهل هذه الأساليب فعالة في تحقيق الهدف المرجو منها، وهل الاستثمار في الدعم يقدم بالشكل الصحيح للوصول إلى ما نسعى إليه، وخاصة أن الاستثمار بالدعم له هدف من خلال كل شكل من أشكال الدعم المقدمة للوصول إلى تحقيق امن غذائي.. ولكن هذا النقاش مريب جدا مادمنا قد حققنا بالدعم الفعلي الأمن الغذائي لأكثر من عقدين من الزمن؟