كشف أثري جديد في جامع حمص الكبير
حمص ـ عبد الحكيم مرزوق
خلال أعمال إعادة تأهيل جدار حرم جامع حمص الكبير من جهة الصحن، التي تقوم بها مديرية أوقاف حمص ودائرة الآثار في المحافظة، تمّ الكشف على الجانب الشرقي من قاعدة العمود التي تحمل في جانبها الشمالي كتابة يونانية معروفة.
وتبيّن أن الجانب الشرقي من قاعدة العمود تحمل بدورها كتابة يونانية قديمة تضم 205 حرفاً وتمتد على ستة أسطر، علماً أن الكتابة على الجانب الشمالي تمتد على سطرين فقط، وترجمة النقش كما يقول المهندس عبد الهادي النجار عضو الجمعية التاريخية بحمص هي “الملك صورة الكون المستديرة انتصر على الأقوام ونال كل الأشياء بقيادة عربة حربية بمهارة”، فيما قفز وادينغتون وهايمن لاستنتاج أن هذا النص الذي يتحدث عن “صورة الكون المستديرة” باعتبار ذلك تكريساً للمبنى لإله الشمس، كان تحليل النص بصيغته المجردة عبارة عن تسجيل لنصر حربي هزم فيه الحماصنة بقيادة ملكهم الذي يحمل صفة ذات قدسية غزواً أجنبياً من دون الاستعانة بأحد.
وبتقدير النجار هذا الوصف ينطبق على النصر الذي حققه كاهن الشمس أورانيوس أنطونينوس الحمصي ضد جنود الملك الساساني سابور في النصف الأول من سنة 253 ميلادية عندما اعتلى أورانيوس عرش حمص منصباً نفسه ملكاً خلال فترة الاضطرابات التي شهدتها روما.
ويؤكد النقش الذي اكتشف، ولم يرد ذكره سابقاً في أي وثيقة تاريخية معروفة، الاستنتاج الذي توصل إليه النجار بأن النص يرتبط بمعركة حربية على الرغم من تضمينه إشارات إلى بعض رموز الأساطير الشرقية.
والقراءة الأولى لهذا النقش الجديد في محاولة لتسجيل أول توثيق له، مع التنويه بإشارة قسطنطبن بن داوود في مخطوطيه تواريخ حمص والجغرافيا الكبير إلى احتمال استمرار النقش الأول إلى أوجه قاعدة العمود الأخرى، وقد صدق ظنّه في ذلك وإن لم يتمكن من مشاهدة النقش!.
والنقش باللغة اليونانية القديمة موزّع على ستة أسطر بأحرف كبيرة متلاصقة، وهذه مفرداته كما قرأها المهندس النجار وفككها “يُحلّق في السماء ليسحق البرابرة المحاربين.. يأتي بصوت صارخٍ مخترقاً الهواء.. يحطّم الدروع بالسيف ممزقاً العدو إلى أشلاء.. ينقلب في الحال أسداً في مواجهة العدو.. من أعالي التل تسمع هديره وهو يضرب بقوة وشراسة.. بأسه الملكي يستمده من إله (الحرب) في ذاك النهار”.
ويجدد هذا النقش الإشارات إلى إله الشمس، فإله الشمس يُرمز إليه بالنسر الذي يحلّق في السماء، ويرد في النص إشارة إلى التل، وهو على الأرجح تل قلعة حمص. ويختم النص بالإشارة إلى العلاقة الوثيقة بين القائد الملكي والإله، إله الحرب غالباً، الذي منحه القوة للتغلب على العدو وتمزيقه إلى أشلاء.