في أربعينه.. محمد قجة عنوان الثقافة الأصيلة
حمص- عبد الحكيم مرزوق
أقام فرع جمعية العاديات في حمص بالتعاون مع المركز الثقافي العربي، ندوة للحديث عن الراحل محمد قجة، الرئيس الفخري لجمعيات العاديات السورية، بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته.
وعرض الدكتور نزيه بدّور رئس فرع حمص لجمعية العاديات فيلماً وثائقياً قصيراً يتحدث عن الراحل قجة ورحلته التي بدأت في عام 1939 وقراءته لكتب من عيون الأدب العربي منذ يفاعته بما فيها التاريخ والأدب والموسيقا، إذ وصل عدد الكتب في مكتبته إلى حوالي الـ 13 ألف كتاب، وأدار مدرسة “المأمون” في حلب، ووضعها على خطا السوربون واليونسكو في فرنسا، وقد سمّته اليونيسكو مستشاراً لها في سورية لشؤون التراث اللامادي عام 2010، وكان الأمين العام لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2006، ولم يقبل أن تمرّ الفعالية من دون أن يؤلف 173 مؤلفاً عن حلب وموروثها الأبيض، ثقافةً وديناً وحضارةً، وترأس الكثير من الفعاليات والمؤتمرات الهادفة وحاز على جائزة الدولة التقديرية في مجال النقد والدراسات والترجمة عام 2016.
ثم قدّم بدّور بعض الصور التي ترصد جانباً من حياة الراحل قجة وهو الذي ينتمي إلى أسرة عاشت في حلب منذ ستمائة عام، كما تحدث عن تاريخه ومنجزاته الفكرية والثقافية والتاريخية ودوره في جمعية العاديات منذ عشرات السنين.
وقدّم صوراً متنوعة خلال جولاته ومحاضراته في عدد من المحافظات السورية، وفيلماً قصيراً تحدث فيه الراحل عن نفسه ونشوئه في أسرة تمتلك مكتبة فيها آلاف الكتب، ودراسته في ثانوية المعري ومتابعته الدراسة في جامعة دمشق. وعن جمعية العاديات عام 1942 وأسباب نشوئها، ورأى أن الدراسات الاستشراقية وأهدافها تكمن في الرؤية السياسية الاستعمارية الخارجية لهذه الدولة أو تلك.
وأوضح المهندس نهاد سمعان أنّ ما يميز القجّة عن مثقفي العالم هو أنّه أصبح للثقافة الأصيلة عنواناً، وأنّه انطلق في أبحاثه من ناسه وجذوره وأجداده، وكان موضوعياً لا يؤرّخ بعواطفه وأهوائه، وواسع النظرة تنطلق من مركز واحد بيته وحيّه ومدينته، وهو موسوعي الأسلوب علمي واقعي إلى أبعد الحدود ولديه فهم عميق لأسباب نشوء الحضارات وأسباب استمرارها وأفول نجمها، وصنّف إنتاج قجة في باب الوثائق الخالدة التي أكسبته صفة الخلود والتزامه بحب سورية من خلال حلب.
وبيّنت خديجة الحسن عضو إدارة جمعية العاديات في المدينة أنّ هذه الندوة تأتي إكراماً لروح الفقيد الأديب محمد قجة الذي قدّر له أن يكون صرحاً من صروح سورية، ومستقبلاً نحيا فيه من خلال ذاكرته الخالدة في مؤلفاته وأعماله الأدبية والتاريخية التي تؤكد حقيقة الإنسان السوري وإيمانه بالحياة، والحضارة السورية الممتدة عبر آلاف السنين تؤكد أنها ليست حضارة مادية، إنما هي قيم وأخلاق وفكر وثقافة ومحبة.