أهداف مادية للمدارس الصيفية في الأندية والفائدة الرياضية معدومة!
ناصر النجار
تفتتح اليوم أغلب الأندية مدارسها الصيفية في الألعاب الرياضية المتعددة وتستمر لثلاثة أشهر حتى موعد بداية الموسم الدراسي الجديد، واهتمت الأندية كثيراً بهذه المدارس واستعدت لها بشكل جيد وأغرقت مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها بالإعلانات عن المواعيد والألعاب والأسعار، ولو كانت هذه الهمة موجودة دائماً بكل الألعاب والمشاركات والبطولات لحققت هذه الأندية نتائج أفضل ومستويات أكثر تطوراً ونضجاً.
المدارس الرياضية في الأندية صارت محطة ترفيهية للأطفال المشاركين فيها، ومصدر رزق للأندية والكوادر العاملين فيها، وهذا ليس خطأ ولا عيباً، لكنه سيكون مقبولاً لو أن هذه المدارس حققت كل أهدافها واستثمرت هذه المدارس بما يعود بالنفع على الرياضة والأندية، وللأسف لا تحصل هذه الأندية إلا على النفع المالي فقط.
ثلاثة أشهر مدة ليست بالقصيرة فهي تصلح لكي تكون دورة تدريبية لكوادر النادي بالأمور الإدارية والتنظيمية والمالية، فهذه الفترة مناسبة تماماً لتأهيل هذه الكوادر ضمن برنامج مخصص يشرف عليه أكاديميون، ونحصل مع نهاية الدورة على كوادر مدربة بفكر إداري متطور يواكب التطور العالمي في القيادة والإدارة.
وهي فرصة جيدة لتأهيل الكوادر الفنية الناشئة تحت إشراف مدربين مختصين بالألعاب الرياضية المزمع إقامتها، والفائدة هنا كبيرة من خلال توسيع قاعدة الإداريين والفنيين في النادي، ورياضتنا باعتراف الجميع تفتقر إلى الإداري الناجح وإلى الفني المتطور، ومع تطور عالم الرياضة في العالم بتنا بحاجة إلى اختصاصيين في العمل الإداري، وهذا النقص في الإدارة وجدناه في التعامل مع كرة القدم، فلم يعد يقتصر عمل الإداري على متابعة الكشوف وجمع البطاقات الصفراء والحمراء، بل صار أكبر من ذلك وأشمل، والإداري الناجح يجب أن يتقن علوم الكمبيوتر واللغة الإنكليزية وفن التواصل مع الاتحادات الوطنية والاتحادات الآسيوية والقارية والدولية لتنظيم العمل فكل شيء صار مؤتمتاً، ولنا في نهائي كأس الجمهورية لكرة القدم خير مثال حيث فشلت المباراة من كل النواحي الإدارية والتنظيمية وهذا يؤكد عدم قدرة كرتنا على تنظيم مباراة واحدة، فكيف بنا لو أسند إلينا تنظيم بطولة صغيرة؟
وهذا يؤكد افتقار كوادرنا إلى الخبرة الإدارية والتنظيمية، كل ذلك يجب أن يكون موجوداً ضمن مناهج هذه المدارس ليحقق الفائدة للأندية وحتى لا تقع هذه الأندية بالفخ في تنظيمها للمباريات المحلية او الخارجية، وفي كل تعاملاتها وخصوصاً عقودها، والأهم العقود الخارجية التي ما زالت أنديتنا تعاني من تواليها لعدم دقتها وسوء تنفيذها، وعلينا نذكر أن النجاح في أي مؤسسة رياضية مرهون بنجاح العمل الإداري، فكلما كانت الأندية متقنة لأعمالها الإدارية والتنظيمية كلما حققت النجاح وابتعدت عن كوارث الجهل والفوضى والعشوائية.
استثمار المدارس الرياضية الصيفية يجب الا يقتصر على المال فقط، بل يجب أن يتوجه إلى استثمار الطاقات البشرية التي تتوارد على هذه المدارس، وذلك من خلال كشافين يبحثون عن المواهب في الألعاب الرياضية المختلفة واحتضان هذه المواهب ورعايتها لتكون نجوم الرياضة السورية في المستقبل وقد افتقدت رياضتنا في الآونة الأخيرة هذه المواهب لأن رياضتنا لا تبحث عنها وهي تنتظر قدومها إليها.
في النقطة الأولى لا نجد أن هناك برامج محددة وموحدة في هذه المدارس ولا يوجد جهة ما تطلع على المناهج المقررة، فكل مدرسة تسير وفق هوى مدربيها، وهذا من الخطأ بمكان، فمدارس كرة السلة يجب أن يطلع اتحاد السلة على المنهاج التدريبي لأي مدرسة حتى يكون ملائماً ومتوافقاً مع فن تدريب الصغار وتعليمهم أساسيات اللعبة، وهذا ليس له علاقة بقدرة المدرب على وضع منهاج من عدمه، إنما عندما يكون المنهاج مدروساً وله صفة رسمية معتمدة يحقق الفائدة الأكبر على صعيد التعليم والتطوير.
في المبحث الثاني فإن كل المدارس بلا استثناء يجب أن تكون السباحة الرياضة الرئيسية فيها، ودون السباحة فإن هذه المدارس لن تحصل على الرواد الكثر، باستثناء المدارس الاختصاصية بكرتي القدم والسلة.
لكننا ننظر إلى رياضة السباحة في هذه المدارس لنجدها رياضة ترفيهية أكثر شيء فيها أنها تعلم الصغار على السباحة فقط وإزالة الحساسية والخوف من الماء، لكنها لم تقدم لنا سباحاً واحداً في المحافل العربية والإقليمية والدولية، فضلاً عن أن هناك رياضات متعلقة بالسباحة اختفت كالغطس وكرة الماء وهما لعبتين أولمبيتين.
وهنا نتساءل: ألم يجد القائمون على هذه المدارس على طول القطر وعرضه سباحاً واحداً قادراً على كسر جمود السباحة رغم وجود المدارس الاختصاصية في هذه اللعبة منذ أكثر من ثلاثة عقود؟ وهذا يؤكد أن هذه المدارس هي للترفيه ولتمضية الوقت أكثر من أي هدف رياضي آخر.
والمثال على رياضة السباحة ينطبق على باقي الرياضات ولنذهب إلى الرياضة الشعبية الأولى كرة القدم وهي رياضة أساسية في كل هذه المدارس ودونها لا يمكن أن تنجح أي مدرسة، ومن خلال المتابعة والتمحيص نجد أن هذه المدارس لم تخرج لنا لاعباً واحداً حتى الآن، لكن الأكثر غرابة عندما نعلم أن بعض الأندية فتحت مدارس وأكاديميات على مدار العام ومنذ أكثر من ثلاثة عقود ولم تكن هذه المدارس إلا مضيعة للوقت، لأنه لم يخرج من ملاعبها لاعباً واحداً مرموقاً إلا ما ندر، ومن المفترض أن تكون هذه المدارس القاعدة العريضة للأندية، ولو كانت ناجحة ما احتاجت أنديتنا لتبحث عن لاعب محترف هنا وهناك، لأنه مع تراكم السنوات ستجد هذه الأندية في كل عام فريقاً ينتظرها، لذلك فإن عدم التخطيط السليم في هذه المدارس وعدم وجود منهاج علمي، وعدم المتابعة جعلت هذه المدارس بعيدة عن الفوائد الرياضية العديدة المفترض أن تحصل عليها
وحتى نكون عادلين فإن من إيجابيات هذه المدارس أنها تستوعب الأطفال وتمنع تسربهم إلى الشوارع، وتساعدهم على قضاء عطلة مفيدة بممارسة الرياضة إلى جانب بعض البرامج الأخرى الموضوعة كالرسم والكمبيوتر اللذين يفيدان الأطفال بأمور شتى وخصوصاً من يملك هواية الرسم، لكن هذه المدارس كم ستحتوي من الأطفال ، والأرقام هذا الموسم تتناقص كثيراً، فالمتوقع ألا تضم هذه المدارس أكثر من عشرة بالمئة من الأطفال بسبب غلاء الأسعار المبالغ فيها جداً والتي لا تتناسب طرداً مع قدرة الانسان العادي.
وهذا الأمر مزعج جداً، فالكثير من العائلات وقفت متسائلة عن سبب الأسعار الخيالية للكثير من المدارس التي تفوق قدرة الإنسان العادي، بل تفوق راتب الموظف عدة أضعاف، وأين سيذهب هؤلاء بأطفالهم وهم السواد الأعظم من المجتمع، هذا الموضوع بحاجة إلى بحث دقيق وتدخل من الاتحاد الرياضي العام ليكون لكل أطفالنا مكان في هذه المدارس وحتى لا يقال: هذه المدارس لأبناء الذوات وأصحاب الدخل الكبير.