صحيفة البعثمحليات

قرة فلاح: تأثيرات خطيرة للتغير المناخي على الموارد المائية

دمشق – لينا عدره

أثرٌ كبير للتغير المناخي على الموارد المائية، فقد سجلت تقارير التغير المناخي لال المئة عام الأخيرة ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة بمقدار 1,1 عن المعدلات التي سبقت الثورة الصناعية، ما أثر على معظم الدول ومن بينها سورية، وفق ما بين الدكتور رياض قرة فلاح، أستاذ المناخ في جامعة تشرين، مشيرا إلى ارتفاع الحرارة بمقدار درجة ونصف إلى درجتين خلال العقدين الأخيرين، ما تسبب بتراجع في الأمطار دخلت معه سورية مرحلة تراجع في بعض المحطات، أو عدم تزايد في محطات أخرى، لافتاً إلى أن أهم تأثيرات التغير المناخي تتمثل بارتفاعات حرارية تقود بشكلٍ أو بآخر إلى تبخر مياه المسطحات المائية والتربة، ما يقلل من كمية المياه المتوفرة، وحدوث فترات جفاف طويلة ومتكررة، وإحداث ضغوطات على الموارد المائية نلحظ تأثيره على الزراعة بسبب تغير أنماط هطول المطر.

واعتبر قرة فلاح أن هذا الأمر بالغ الخطورة لأنه يؤدي لحدوث تقلبات في الهطل، تتخذ شكل حدوث فترات هطل قصيرة غزيرة، ثم انقطاع لفترات طويلة جداً، وفي الحالتين الأمر سيء، لأن هطول الأمطار الغزيرة يؤدي لجريان المياه وعدم تسربها إلى داخل الأرض، وبالتالي عدم امتصاص الأرض لها لتحويلها إلى مياه جوفية، وتأخر الهطولات لفترات طويلة يؤدي لانقطاع المياه وتبخرها ما يحدث جفافاً، ويُقلل من كمية المياه المتاحة للزراعة والشرب.

الثلوج 

يرى قرة فلاح أن المشكلة الأكبر تتعلق بالثلوج، كونها المصدر الأساسي للمياه الجوفية، فقد أدى التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة لتراجع نسبة الثلوج على الجبال المرتفعة، كجبل الشيخ والقلمون والجبال الساحلية نتيجة قصر مدة التساقط، مع الإشارة طبعاً إلا أن سورية ليست مثلجة، إلا أن هذا لا ينفي تراجع نسبة الثلوج فيها إلى نسبة كبيرة ما أثر على تغذية الموارد المائية، وبالتالي قصرت فترة التغذية بسبب تناقص فترة سقوط الثلوج ما أدى لنقص المياه المتاحة في الصيف، أيضاً تراجع المياه الجوفية بسبب الاستنزاف الجائر ونضوبها..

زيادة تركيز الملوثات  

مشكلة أخرى مهمة جداً أشار إليها قرة فلاح تتعلق بتلوث المياه الجوفية نتيجة الجفاف واستنزاف المياه الجوفية الذي يؤدي إلى زيادة تركيز الملوثات في المياه المتبقية.

الأمن الغذائي  

ويؤكد قرة فلاح أن كل تلك التغيرات تؤثر سلباً على الزراعة لما تسببه من تناقصٍ في المياه يؤدي لتقلص المساحات الزراعية ما يؤثر على الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي وتدهور الإنتاج الزراعي وغلة الهكتار من المزروعات، لذلك يشدد أستاذ المناخ في جامعة تشرين على ضرورة تغيير أنماط الزراعية لإنتاج نباتات ومحاصيل مقاومة للجفاف على الأقل كحل مبدئي، لافتاً إلى أن من النتائج الأخرى لارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي شح الأمطار التي تؤدي لهجرة جماعية من تلك المناطق كما حدث في فترة ما بين 2006 و2010 في أكبر موجة نزوح من الجزيرة السورية باتجاه دمشق نتيجة موجة الجفاف.

 انتشار الأوبئة

ولا شك بأن التغير المناخي له تأثيرات مرتبطة بالصحة بسبب نقص المياه النظيفة، ما يسبب زيادة في الأمراض وانتشاراً للأوبئة، إضافةً لما يسببه الإجهاد الحراري من ظروف عمل سيئة جداً، لذلك يرى قرة فلاح ضرورة التكيف مع التغير المناخي من خلال تحسين إدارة الموارد المائية في سورية عبر اعتماد أنظمة الري بالتنقيط والرش بشكل مستمر ما يقلل من كمية المياه المهدورة.

التسرب يصل لـ 60%

يؤكد قرة فلاح على ضرورة تعزيز كفاءة استخدام المياه للزراعة، عبر صيانة شبكات مياه الشرب والري لما تسببه من تسريبات قد تصل أحياناً إلى 60%، منوهاً بأن صيانتها تقلل الفاقد في شبكة توزيع المياه، خصوصاً في المياه المنزلية وتحديداً بعد الزلزال الذي أدى لتخريب الكثير من شبكات المياه، مشدداً على ضرورة البحث في هذا الأمر لما له من خطورة كبيرة، خصوصاً في اللاذقية وحلب، لافتاً إلى تحسين الصيانة وإصلاح التسريب يتطلب أولاً إدارة الأحواض المائية من خلال التعاون بين مختلف الجهات المعنية والحفاظ على المياه الجوفية وضبط سحبها منعاً لاستنزافها، وإعادة استخدام وسائل تقنية مثل شحن المياه الجوفية ومياه الأمطار وحقنها لزيادة مخزون المياه، إضافةً لحماية المناطق التي تقوم بتغذية المياه الجوفية ومنع التعدي عليها أو تلويثها بالعمران أو المصانع، وزراعة محاصيل تقاوم الجفاف واستخدام الزراعات التي تعتمد على رطوبة التربة، وإدارة التربة وتحسين خصوبتها وتطوير بنية تحتية من خلال بناء خزانات مياه للحفاظ على المياه، و إنشاء سدود وتخزين مياه الأمطار.

ضرورة البدء بالتخطيط  

قرة فلاح أشار في ختام حديثه إلى ضرورة إيلاء التغير المناخي اهتماماً أكبر أثناء التخطيط، لافتاً إلى أن الوزارات اليوم بدأت دمج اعتبارات التغير المناخي مع التخطيط الوطني والمحلي، مؤكداً على ضرورة الاهتمام بشكلٍّ كبير بالبحث العلمي وإعطاء الأولوية له، والتركيز على زيادة الوعي العام وفهم المجتمع الأهلي لأهمية الحفاظ على المياه، وتعليم الأطفال الحفاظ على البيئة وتوضيح كل ما له علاقة بالتغير المناخي، ووضع تشريعات وقوانين للحفاظ على الاستخدام المستدام للمياه وتشديد عقوبة هدر المياه وعدم استهلاكها بالشكل الأمثل، خاصةً وأن حصة الفرد السوري من المياه هي الأدنى عالمياً.