صحيفة البعثمحليات

املاك ضائعة ؟!

بشير فرزان

ربط الأقوال بالأفعال ليس مهمة صعبة أو مستحيلة، ولكن وللأسف نجدها عملة نادرة في الواقع الفعلي، حيث تتملص الكثير من الجهات من وعودها، وتخفق في تنفيذ خطط عملها ومهامها الأساسية، بل ويتكشف تعاطيها السلبي معها عن الكثير من اشارات الاستفهام . ونستشهد هنا بملف الأملاك العامة الضائعة، سواء لجهة الاستثمار أو لجهة البيع والاستيلاء لصالح البعض، من خلال الالتفاف على القانون؛ ومثالنا ما كشفته أرقام  المزادات الاستثمارية والمناقصات المعلن عنها، لجهة الفوارق الكبيرة بين قيم الاستثمار السابقة للمرافق العامة والمشاريع العائدة للهيئات والمنظمات الشعبية، أو تلك المصنفة كأملاك دولة، والمستثمرة من قبل بعض الأشخاص، وطبعاً ليس من الضروري وضع  جميع التفاصيل  في سلة الفساد، بل يمكن إخراج بعضها إلى خانة الإهمال الوظيفي والاستهتار بالمال العام.

ولاشك أن عدم الاعتراض على إخضاع التعامل مع فاجعة الأرقام الاستثمارية لسلطة النوايا الطيبة والفعل غير المشبوه، أو المقصود، لا يعني إسقاط حق تجريم  الجهات المسؤولة عن هذه الاستثمارات، وسؤالها على أبسط تقدير لذر الرماد في العيون، خاصة أن هناك حالات إثراء عديدة باتت واضحة للعيان من خلال الاستثمار الوظيفي المشبوه الذي لا يزال حراً طليقاً وخارج دائرة الاتهام والمساءلة لأسباب مجهولة حتى هذه اللحظة.

وما يزيد القلق بطء ما يمكن أن نسميه عملية تنظيف العمل الوظيفي وتطهير المؤسسات بما أضحى معضلة حقيقية بعد أن أضاعت هذه الكلمة بوصلتها باتجاه أرض الواقع، وباتت مصطلحاً فضفاضاً دون أي فاعلية في الكثير من المجالات، فالجميع “يطبّل ويزمّر” في هذا المضمار، ولكن لم يصل أحد إلى خط النهاية، وما زالت ملفات كثيرة مفتوحة، بل وبعضها سجل في خانة المجهول الذي لا يستطيع أحد تحديد هويته.

وبالعودة إلى الواقع، نتساءل بكل جدية: ألم يحن الوقت لتقديم دفعة من المفسدين إلى ميدان المحاسبة والمساءلة الحقيقية، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية؟ وما هو الهدف من استمرار عمليات التجميل التي تمارسها  الكثير من الجهات المعنية لإخفاء فشلها وتجاوزاتها والتستر على أولئك الذين يسرحون ويمرحون ويتلذذون بالمال العام أثناء وجودهم على رأس عملهم، في وقت نحتاج إلى إسقاط كافة الأقنعة التي تخفي الكثير من الحقائق الموجعة لاقتصادنا الوطني؟ فهل حان الوقت لاستعادة الأموال العامة ومراجعة الملف الاستثماري لأملاك الدولة، أم ستبقى الأمور تراوح مكانها؟!