عضوية فلسطين الكاملة شرط للسلام
الدراسات
رفض مجلس الأمن في نيسان طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وذلك بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو”. وهذا الأمر ليس مفاجئاً حيث إن ذلك كان متوقعاً قبل التصويت لتحطيم حلم الفلسطينيين الذي طال انتظاره في الحصول على دولة مستقلة تحظى باعتراف الأمم المتحدة. وتلك هي المحاولة الفلسطينية الثانية للحصول على العضوية الكاملة، وتأتي في الوقت الذي وضعت فيه الحرب على غزة الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 75 عاماً في مركز الاهتمام. ومن المخيّب للآمال أن هذا القرار الذي حظي بتأييد واسع النطاق، حيث صوّت لمصلحته 12 من أصل 15 عضواً في المجلس، تمت عرقلته مرة أخرى من دولة واحدة. وترتكز معارضة واشنطن بشكل رئيسي على سببين:
أولاً، حسب قولها، أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة يجب أن تتم من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وليس في الأمم المتحدة، وثانياً، تدّعي أن العضوية الفلسطينية الكاملة لن تساعد في التوصّل إلى حل الدولتين، ولكن مثل هذه الحجج لا تصمد، إذ إن هناك ضرورة أخلاقية قوية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والأمم المتحدة هي على وجه التحديد المكان الذي ينبغي أن تتمتع فيه فلسطين بهذا الحق.
واليوم، تحظى فلسطين، على الرغم من كونها دولة مراقبة غير عضو في الأمم المتحدة، بالاعتراف بها كدولة ذات سيادة من أغلبية المجتمع الدولي. ومؤخراً، اعترفت النرويج وأيرلندا وإسبانيا بالدولة الفلسطينية، ليصل العدد الإجمالي إلى ما يقرب من 150 دولة، وهو ما يعكس إجماعاً دولياً واسع النطاق، ولا يؤدّي الصراع المحتدم في غزة إلا إلى إضفاء أهمية وإلحاح جديدين على الوضع القانوني لفلسطين.
وحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من شأنه أن يعزّز حل الدولتين، وليس تقويضه، كما أن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية يشكّل أهمية بالغة لأي مفاوضات مستقبلية، ولن تكون مفاوضات السلام على قدم المساواة إذا كان هناك عدم تناسق في الوضع القانوني. وفي المستقبل المنظور، إحدى أفضل الطرق للجمع بين الطرفين على قدم المساواة تتلخّص في إظهار أن فلسطين تتمتع بالشرعية ليس فقط في العالم العربي والجنوب العالمي، بل أيضاً على مستوى العالم، في أماكن مثل الأمم المتحدة.
وهناك قضية الفلسطينيين، وهي القضية الأهم، وعلى حدّ تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، “الفشل في إحراز تقدّم نحو حل الدولتين لن يؤدّي إلا إلى زيادة التقلبات والمخاطر بالنسبة لمئات الملايين في جميع أنحاء المنطقة، الذين سيستمرون في العيش في ظل التهديد المستمر بالعنف”، مضيفاً: “إن مستقبل فلسطين لا يمكن فصله عن السلام والاستقرار الدائمين في الشرق الأوسط”.
منذ وقت ليس ببعيد، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، قراراً يوصي مجلس الأمن بإيلاء “الاعتبار المناسب” للعضوية الفلسطينية الكاملة، وقدّمت الصين دعمها الصريح، ورحّب سفيرها لدى الأمم المتحدة “بهذا القرار التاريخي”، مؤكداً أنه “يعكس إرادة المجتمع الدولي” معترفاً به باعتباره جهداً لتصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه شعب فلسطين. وعلى الرغم من أن الكثيرين يجادلون بأن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس لها التأثير الملزم نفسه لقرارات مجلس الأمن، إلا أن تمرير هذا القرار مهم لأنه يولّد زخماً قوياً عبر المجتمع الدولي للضغط من أجل الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، في إشارة واضحة للغاية لأولئك الذين يعارضون العضوية الفلسطينية بأن الوقت قد حان لأخذ مسألة الدولة الفلسطينية على محمل الجدّ.
عناية ناصر