سكون شاهين: بعض الرائج من قصة وشعر ورواية يعبر عن اضمحلال وترد
عبد الحكيم مرزوق
ثمّة تباين واضح في التجارب الأدبية عند هذا القاص أو الشاعر، فليست كل التجارب القصصية والشعرية متشابهة في الشكل والمضمون وأسلوب التعبير، حيث تختلف المفردات والجمل والتراكيب التي يستخدمها كل واحد بشكل مختلف عن الآخر، ما يميّز هذه التجربة عن غيرها، وهذا ما يبدو واضحاً في تجربة القاصة سكون شاهين التي التقيناها وحدثتنا عن بدايتها قائلة: “جاءت بعد فترة من القراءة في سنّ صغيرة حيث المجلات التي تعتمد على القصص المصورة، بدأت أكتب قصصاً قصيرة في المرحلة الإعدادية، كنت مولعة بقصص الألغاز والقصص البوليسية قرأت “أرسين لوبين”، و”شارلوك هولمز” و”الجريمة والعقاب”، وقرأت أيضاً للكاتبة “أجاثا كريستي”، وفي المرحلة الثانوية تغيّر نمط مطالعتي، قرأت لجبران والمنفلوطي وإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ غادة السمان والكثير من الأدباء، لا مجال لذكرهم الآن، ثم تعلّقت بالأدب الروسي، فقرأت “تولستوي” و”تشيخوف” و”دوستويفسكي” وغيرهما، وحين التحقت بالصف الخاص أعددتُ مجموعة قصصية، لكنها لم تنشر لظروف قاهرة”.
وعن سبب تأخرها في إظهار موهبتها الأدبية قالت: “أحياناً نثق بشخص ونؤمن به ونعدّ كل ما يفعله صحيحاً، وكل ما يقوله يصبّ في مصلحتنا، وهذا خطأ كبير نرتكبه ونجني على أنفسنا حين نتخلى عن حلمنا لإرضاء الآخر”. ورداً على سؤال من قام بتشجيعها في البدايات؟ قالت إن والدها شجعها على القراءة والتأليف، وكان حبها للقراءة دافعاً لتوصل رسالة إلى الناس وحافزاً كبيراً لها.
وحول طقوس الكتابة والنّوع الأدبي الذي تكتبه، أوضحت: “طقوس خاصة لديّ، وأكتب وأقرأ وسط أسرتي، وهذا يساعدني على التركيز، ولا أحبّ الكتابة في الغرف المغلقة. أكتب القصة القصيرة وصدر لي مجموعتي الأولى “شبابيك” وتناولت فيها بعض الحالات الخاصة بالمرأة والحياة الزوجية والحب، وهناك مجموعتان قيد التحضير للطباعة وأيضاً رواية “زهرة بين ركام”، وكتبت نصوصاً مسرحية وبعض المقالات عن المرأة والتراث اللامادي وأنشر مقالات في الأسبوعية العراقية، ولديّ قصص قصيرة في الأسبوع الأدبي، وفي صحيفة “الجزائر”، وأكتب أيضاً حلقات تمثيلة مسلسلة لإذاعة “زنوبيا” التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
وترى شاهين أن ما هو رائج الآن من قصة وشعر ورواية يعبّر عن اضمحلال وتردٍّ، سرعان ما تنتهي كما يخبرنا التاريخ، وأضافت أن الحرية هي أهم قضية يمكن أن تشغل بال إنسان، عربياً كان أو أجنبياً، رجلاً كان أو امرأة، نحن في مجتمع يزدري الطرف الأضعف ويسلبه حقه، في أغلب الأحوال يكون هذا الطرف امرأة، مبينةً أنّ الرواية أكثر قدرة على التعبير والتواصل مع القارئ، والقصة القصيرة باقية في المساحات الصغيرة في الدوريات الشهرية والأسبوعية، ربما لأن تلك المساحات لا تحتمل رواية مكتملة.
وتعتقد شاهين بأن الأدب وسيلة للهروب من الواقع وتغيّره بحسب رؤية القارئ، وتضيف: “استخدمت الأدب كمخبأ ومهرب من كلّ مشكلاتي، كما أني تسلّحت به لتغيير واقعي، وفي تجربتي الشخصية المتواضعة جداً تشير الدلائل إلى أن الأدب غيّرني ولولاه لكنت شخصية مختلفة، ودعني أتطرف أكثر بالقول: لقد تغيّرت أكثر مما أردت”، كما ترى أنّه من البدهيات أن يكون الروائي مطلعاً على الأعمال العالمية بشكل مستمر، إذ كيف لكاتب لا يقرأ أن يمتلك أدوات الكتابة المناسبة لكل حالة، لذلك يجب أن يكون الكاتب على اطلاع مستمر على ما يُكتب، وتضيف أن وسائل منصات التواصل الاجتماعي استغلها البعض من أجل الظهور والشهرة، علماً أن هدف الكاتب هو الكتابة لا الظهور والتحول إلى شخصية عامة، فليس كلّ من كتب أصبح كاتباً، هي حمّى حب الظهور والشهرة تجتاح منصات التواصل الاجتماعي.
الكتابة عند شاهين هي الوتد الذي تتكئ عليه، وهي أقرب صديق إلى قلبها تفرغ كلّ ما في داخلها، تجدها إلى جانبها كلما احتاجت إليها، فالكتابة تلخص المضمون والمحتوى الفكري وطريقة التفكير والمشاعر والأسلوب عند الكاتب الذي يكون قادراً على إيصال الفكرة للقراء بوضوح، والمعاني تكون واضحة ومختلفة، وعلى الكاتب أن يكون لديه حب استطلاع وأن يقرأ كثيراً كل ما هو جديد، ويتحلّى بالصبر ويتقبل آراء الآخرين بصدر رحب وألّا ييأس مهما مرّ بصعوبات ومهما عرقلته الظروف، فالكاتب يكشف ذاته أمام القارئ، يحدثه ويحاوره ويسرح به إلى عوالم عديدة.