الصناعة على مفترق طرق!
حسن النابلسي
ربما لا يخفى على صاحب القرار أن الصناعة السورية في أسوأ حالاتها.. وإذا ما حاولنا تشخيص واقعها سنجد أن تقف على مفترق طرق: إما المحافظة على ما تبقى من صناعات والعمل على تطويرها واستغلال المرحلة الحالية لإعادة ترتيب البيت الصناعي الداخلي إيذاناً بانطلاقة جديدة تبدأ بتلبية احتياجات السوق المحلية والاستغناء قدر المستطاع عن الاستيراد، أملاً بالوصول في مرحلة لاحقة تتمكن فيها من وضع موطىء قدم لها في الأسواق العالمية… أو الاستكانة لظروف الأزمة والاعتماد الكلي على استيراد المنتجات الصناعية الأجنبية وبالتالي الاندثار والتبعية الاقتصادية!
وعلى اعتبار أن نقاط ضعف الصناعة أكبر بكثير من نقاط قوتها، سنحاول التركيز على الأخيرة عسى أن يهتم بها صاحب القرار ويجتهد لتعزيزه؛ ولعل أبرز ما يتصدرها الموقع الجغرافي والعراقة الصناعية، وتوفر حلقات الإنتاج كافة في العديد من الصناعات كالصناعات النسيجية والغذائية إضافة إلى وفرة ورخص اليد العاملة.
لكن مزيتي الموقع والعراقة لن تثمرا دون العمل على استثمار نظيراتهما الأخرى، وهذا يستدعي بالضرورة الاستفادة منها وتفعيلها على أكمل وجه، من خلال تمكين أكبر عدد ممكن من المعامل من معاودة الإنتاج ولو جزئياً من أجل تلبية حاجة السوق المحلية من السلع الضرورية منها واستيعاب ما يمكن من العمال العاطلين عن العمل للمحافظة على استمرار عجلة الإنتاج وتحريك الأسواق الداخلية، وهذا يتطلب توفير الشروط والتسهيلات اللازمة لذلك في كافة المجالات وعلى جميع المستويات وبشكل مؤقت ريثما تستقر الظروف.
نعتقد أن هذا الأمر يحتم ما تم التركيز عليه حول تطوير الصناعة في مؤتمر “دور المؤسسات العلمية والبحثية في إعادة الإعمار”، عام 2016، من الانتقال أولاً إلى دور جديد تنموي وليس مركزياً لوزارة الصناعة، يحولها إلى وزارة سياسات صناعية تقوم بتشجيع وتحفيز وتمكين الصناعة السورية كقطاع وطني واحد بكافة أشكال الملكية، بما فيها القطاع المشترك والقطاع التعاوني، لتحسين قدرتها التنافسية، وهذا يتطلب عكس هذا الدور بالشكل المناسب على البنية الهيكلية والتنظيمية للوزارة والجهات التابعة لها وتطوير قدرات العاملين فيها بما ينسجم مع هذا الدور الجديد. وثانياً..تشجيع وتسهيل عملية تحويل الشركات الفردية إلى شركات محدودة أو مساهمة خاصة أو عامة تطرح أسهمها للاكتتاب العام بهدف تغطية ما يمكن من نفقات إعادة التأهيل. وتحويل بعض الشركات الصناعية العامة التي هي خارج الإنتاج حالياً إلى شركات مشتركة أو مساهمة عامة لتغطية قيمة الآلات والتجهيزات اللازمة لإعادة الشركات إلى الإنتاج وفق قواعد وأسس واضحة ومحددة.
ويضاف إلى ما سبق التأكيد على التعاون بين الجامعات ومراكز وهيئات البحث العلمي من جهة والجهات العامة والخاصة المعنية بالقطاع الصناعي من جهة ثانية من أجل ربط البحوث والدراسات والأطروحات التي يتم إعدادها من قبل الدارسين والباحثين في هذه المراكز والجامعات باحتياجات القطاع الصناعي ووفق أولويات محددة يتم اعتمادها بين هذه الأطراف تساهم بعملية إعادة تأهيل الصناعة والاقتصاد الوطني بشكل عام.
hasanla@yahoo.com