ثقافةصحيفة البعث

“صرير قلم” الإماراتي يستذكر مجلة “الضّاد” السورية

دبي – غالية خوجة

صوت القلم وصمته وحركته القديمة تعود إلى الكتابة مع جلسة نقاشية أقيمت في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، تمحورت حول الإصدار الجديد للكاتب الإماراتي عبد الغفار حسين “صرير قلم”، المولود في دبي عام 1935، والذي استعاد ذاكرة “فلاشباكية” للذات والمكان بتوثيقية سِيَرية، تتشكّل من مقالات تحكي عن صوت القلم وصريره وصداه، وأثر ذلك الصرير وصوره في أعماق التلميذ الذي كانهُ المؤلف، وما ينشره مع بيت شعري للشاعر الإماراتي سلطان العويس: “وما قلم الأحرار إلاّ مشاعل… بليلٍ يضيء الدرب في المسلك الوعر”.

والملاحظ أن الكتاب ينطلق من الشعر ويختتم به، لأنه صوت الوجدان وموسيقا لخفقان القلب والطير، ولحناً للحياة اختزلها المتنبي بالمتيّم من الشعراء، ويذكر منهم الأديب عبد الغفار الحسين الكثيرين، أمثال الشريف الرضي، وابن زيدون، وعبد الله البردوني، وأمين نخلة، ومجنون ليلى، وعروة بن حزام، والشيخ محمد بن راشد، ويصل إلى الشاعر الإماراتي أحمد أمين المدني، ويتجول مع الشاعر النجدي مبارك العقيلي، ويتوقف مع عنوان “الناس أقارب”: “الناس للناس من بدوٍ ومن حضر، بعضٌ لبعض وإن لم يشعروا خدَم”.

وضمن جولتي السريعة بين صفحات الكتاب، استوقفني عنوان “الود بين أديبين وشاعرين”، وفي بدايته يتساءل المؤلف عن مجلة “الضاد” الحلبية: “لا أدري إن كانت مجلة الضاد التي كانت تصدر في مدينة حلب بسورية، ما تزال تقف على قدميها بعد الحرائق والمحن التي أصابت هذه المدينة، مدينة سيف الدولة الحمداني، وشاعر العربية الأكبر أبو الطيب المتنبي، فقد كنت مشتركاً في هذه المجلة الجميلة/ ص47”.

ويذكر من بين الشعراء والأدباء الذين نشروا في هذه المجلة، الشاعر الإماراتي الشيخ صقر بن سلطان بن صقر القاسمي، والشاعر المصري حسن كامل الصيرفي، وما دار بينهما من قصائد أتت كردود متبادلة شكلت باقة من أزهار الطبيعة والشعر.

عناوين كثيرة يبحث فيها الكاتب، منها “مرض الحسد والعقوق وفائدة التسامح والتقبل”، “البستكية أو البساتكة في الخليج”، و”السرقات الأدبية في الإمارات”، و”تغيير الجغرافيا والديموغرفيا في الوطن العربي”، وصولاً إلى الشعراء العُمانيين.

قدّم وأدار الجلسة التي اختتمت بتوقيع الكتاب للحضور الكاتب علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، مؤكداً أهمية الكتاب النابعة من تأريح زمن معين، كتبها أديب ومؤرخ وناشط اجتماعي، وركّز فيها على حكايات اللحظة وذاكرتها قبل العصر التكنولوجي.

بدوره، تحدث المؤلف عبد الغفار حسين عن تلك المدرسة التي كانت تعتبر معهداً وحيداً في المنطقة، وكيف كانت أصوات أقلام الأساتذة تصدح من كل غرفة، لأن للقلم صرير “كان يسمعه حامله في الزمن الماضي، لكن القلم رغم الاستغناء عن وضعه بين الأصابع ظاهرياً، والاستعاضة عنه بوسائل إلكترونية صامتة، فإن الأيام على عهدها ما زالت باقية تخلد ذكراه، ويظل صوت القلم وما يسطّره بين حين وآخر، يشكّل ذلك الرنين الذي يثير في النفس الاعتزاز بهذا الصوت الموسيقي”.

بينما ركّز الكاتب الدكتور عمر عبد العزيز على تعددية الأفكار في الكتاب ضمن جملة دلالية واحدة، استرجعت ذاكرات وتجارب وقضايا ثقافية وفكرية ومكانية وشعرية وغنائية ونثرية، مشكّلة “بانوراما” منصتها الذات الكاتبة، واتساعها بدأ بالأدب العربي ما قبل الجاهلية، وامتد عبْر الإمارات وخارجها، مما جعل النصوص تشكّل خط تماس مع العديد من المواضيع والمتغيرات والتحولات.

أذكّر بأن الكاتب عبد الغفار حسين تدرج في مناصب عدة، وكان عضواً مؤسساً في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وساهم في تأسيس أول مكتبة عامة في دبي، وشارك في تأسيس العديد من المجلات والجوائز والجمعيات، وأصدر 19 كتاباً.