في خريطة العناقيد الصناعية تتوفر النوايا ويغيب التنفيذ ؟!
دمشق- محمد العمر
تعتبر العناقيد الصناعية واحدة من أهم الركائز التي يعتمد عليها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سيما وأنها تلعب دوراً فاعلاً ومؤثر في سد الفجوة بين رؤوس الأموال وسبل توظيفها وإسهامها في رفع القدرة التصديرية التنافسية للمجتمع، ورغم السعي الكبير لدينا لإيجاد هذه التجمعات الصناعية المتخصصة وتوفر النوايا لإقامتها بما ينسجم مع الرؤية المعتمدة لإعادة تأهيل الاقتصاد بشكل عام والصناعة المحلية بشكل خاص، إلا أن الخطوات العملية لتفعيل ذلك تسير ببطء في انتظار إزالة العراقيل أمام ضعف البنية التحتية والتكنولوجية مع تعزيز الدعائم والركائز لإيجاد هذه المقومات.
خطوة متكاملة
مدير الاستثمار الصناعي والحرفي في وزارة الصناعة، بسمان مهنا، اعتبر أن “العناقيد الصناعية” إحدى خطوات التطور الصناعي القادمة خاصة أنها باتت جزءاً من إستراتيجية التنمية الصناعية للعديد في دول العالم وأداة من أدوات تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وبين أن هناك خريطة استثمارية تعدها هيئة الاستثمار بالتعاون مع وزارة الصناعة تؤسس لربط المدن الصناعية بأماكن توافر المواد الأولية ضمن تطبيق استراتيجية العناقيد الصناعية ودمج وربط المنشآت الصناعية المشتركة بروابط الإنتاج والتسويق، لافتاً إلى أن وجود التوجه والنية حول هذا الموضوع بعدما أصبحنا بحاجة إلى مدن صناعية متخصصة تعمل تحت مظلة قانون الاستثمار رقم ١٨، كأن تكون هناك مدينة صناعية متخصصة بإنتاج التكنولوجيا أو الأثاث تتسم بالتنسيق والتعاون والدمج بين العديد من الشركات تعمل معاً في منظومة ديناميكية متكاملة.
وأشار إلى كيفية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في انتهاج هذا الأمر، مشيراً إلى أن مصر اتجهت إلى انتهاج العديد من الاستراتيجيات لدعم وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإلى دمجهم في مجموعة من العناقيد الصناعية المتخصصة واعتبرتهم أداه لتحقيق التکامل الصناعي بين الوحدات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة الحجم من جانب، ومع الوحدات الإنتاجية الكبيرة الحجم من جانب آخر، مستهدفة من ذلك تحقيق ميزة تنافسية لمنتجاتها والحد من مخاطر المنافسة من تواجد المنتجات المثيلة المستوردة في الأسواق.
بدوره الصناعي فؤاد اللحام أكد أن العناقيد الصناعية تشكل في هذه الفترة فرصة مواتية لإعادة هيكلة الصناعة وتنظيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وإجراء إسعافي لتمكين المنشآت الصناعية المتضررة من الأحداث في البقاء ومتابعة العمل والإنتاج والتشغيل، ولفت إلى أنه في سورية كانت توجد نوايا لتجمعات عنقودية صناعية مثل صناعة المفروشات بداريا والألبسة في منطقة الزبلطاني أو في الكلاسة وغيرها بحلب، وهذه التجمعات القائمة ينبغي تطويرها واتباع سياسات خاصة لإقامتها في المناطق المؤهلة لذلك ضمن دراسات تنسجم مع الرؤية المعتمدة لإعادة تأهيل الاقتصاد بشكل عام والصناعة المحلية بشكل خاص والاستفادة في هذا المجال من الإمكانيات المتاحة للمدن الصناعية في عدرا وحسيا والشيخ نجار إضافة للمناطق الصناعية النظامية الأخرى.
نظرة اقتصادية
ويشير خبراء التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى بيئة التجديد والابتكار التي تتمتع بها العناقيد الصناعية أکثر من غيرها. حيث تحقق العناقيد الصناعية إن توفرت – وفق الخبير الاقتصادي محمد شريفة – ميزة التخصص والتتوع في المنتجات وتجمعها لتكون معرضاً جاذباً وفرصاً محققة للتسويق والاستثمار، كما وتجذب الموردين لتوريد مدخلات الإنتاج بتكلفة أقل نسبياً بالمقارنة بتکلفة استيرادها من الخارج، ما يؤدى إلى تخفيض أسعار المنتجات النهائية، بالإضافة إلى إمكانية اهتمام العناقيد الصناعية بدراسة الأسواق الخارجية ومن ثم زيادة قدرتها التسويقية والمنافسة في کلاً من السوق المحلى والسوق الدولي.
وأوضح أن طبيعة العناقيد الصناعية تتسم بتمرکز المراحل الإنتاجية لمنتج واحد في مکان واحد، مما يقلل من تكاليف النقل والتوزيع وتقليل مخاطر النقل خاصة عبر المسافات الطويلة نسبياً، وتکون المحصلة النهائية هي تخفيض التكاليف الکلية للإنتاج وتدعيم قدرته التنافسية في الأسواق المحلية والخارجية. لكن هناك تحديات لابد من الانتهاء منها تتمثل في ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية كوصول التكنولوجية ووجود حوامل الطاقة المتطورة والمواكبة للتحديث النفاذ للأسواق الناشئة وضعف اليد العاملة وعدم وجود المستثمرين المؤهلين بالشكل الصحيح.
لذا لابد حسب قوله من إجراء دراسة تشخيصية للصناعة التي يمكن توطينها في التجمع المقترح بالتعاون بين وزارة الصناعة وبرنامج التحديث الصناعي ووضع برنامج زمني ومادي لإنجاز التجمع المطلوب.