رأيصحيفة البعث

الانسحاب شرط للمحادثات

علي اليوسف

بغض النظر عما تتناقله وسائل الإعلام حول وساطة عراقية بين سورية ونظام أردوغان، فإن الثابت لدى الدولة السورية هو ما اختصره رئيس الدبلوماسية السورية الدكتور فيصل مقداد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني بالوكالة، علي باقري كني، في دمشق بأن “الشرط الأساسي لأي حوار سوري – تركي هو إعلان أنقرة استعدادها للانسحاب من الأراضي التي تحتلها.. نحن لا نتفاوض مع من يحتل أرضنا”.

إذاً ما هو مطلوب من الجانب التركي تعهدات واضحة تعكس التزام تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية التي تحتلها، ووقف دعمها للتنظيمات الإرهابية، لأن ذلك من الثوابت السورية التي لن تتغير، ولا مجال بالمطلق التفاوض عليها أو التنازل بشأنها، خاصةً أنه منذ الحرب الإرهابية على سورية، كانت تركيا شريكاً موصوفاً للجماعات الإرهابية لجهة تسهيل المرور والاحتضان والتسليح، وأخيراً باحتلال أجزاء من سورية. ولهذا لا يظن نظام أرددوغان وغيره أن سورية ستفاوض من يحتل أراضيها إلا بشرط الانسحاب من الأراضي المحتلة، وبعد ذلك يمكن التفاوض على كل شي كون العرف السياسي يقول لا أعداء في السياسية.

ومن منطق الأمور، إذا كانت نوايا نظام أردوغان صادقة في تصحيح المسار مع سورية، فعليه الانسحاب فوراً من الأراضي التي احتلها وبدون شروط مسبقة، وحينها يمكن الحديث عن اللقاءات التي يتم تسريبها.

أما إذا كان النظام التركي يريد المناورة لتثبيت الأمر الواقع، خصوصاً أن الحدود بين سورية والعراق وتركيا تشهد تشابكاً إقليمياً ودولياً معقداً، تحديداً على مستوى تعدد الفواعل المسلحة في هذه المنطقة، فهذا مستحيل من منطق انتصارات الدولة السورية على الإرهاب المدعوم من تركيا وغيرها، فظواهر الأمور تشير إلى أن الدولة السورية بدعم من الحلفاء تتعافى رويداً رويداً، والمؤشر في ذلك عودة العلاقات العربية العربية إلى سابق عهدها مع الدولة السورية، بالإضافة إلى طلبات الغرب بإعادة العلاقات مع سورية.

لذلك لا يظن النظام التركي أنه قادر على المناورة أو جس النبض، فسياسته باتت مفضوحة لدى القيادة والشعب السوري الذي تلقى طعنات غدر مؤلمة في الاقتصاد من الجار الذي لم يحسن الجوار، وهذا يجعله مطالب أن يعلن الانسحاب، وربما أشياء أخرى ليس أقلها رفع الغطاء عن الجماعات الإرهابية التي يدعمها ويتاجر بها، وطرد جماعات ما يسمى ” الائتلاف المعارض” بالإضافة إلى قضايا ستبقى بيد الدولة السورية التي تقدرها حسب الموقف.. إن حصل!