في غياب الأب.. الأطفال عرضة للاكتئاب واضطراب مزاجي ثنائي القطب
دمشق- لينا عدره
على الرغم من عدم وجود إحصائيات محدّدة في سورية، إلا أن ما لا شكّ فيه أن هناك مئات الآلاف من الأسر الفاقدة للأب بسبب الموت أو النزوح واللجوء، أو لأسباب أخرى جعلت الأسر تتفرّق بين المناطق بما لا يسمح للأب بالحضور الجسدي مع أولاده، وفقاً لما بيّن الدكتور جميل ركاب، الاستشاري في الطب النفسي، الذي أوضح أن أثر غياب الأب يظهر جلياً في الممارسة السريرية لبعض المرضى الذين يراجعون عيادته، لافتاً إلى أن وعي الأم ومستواها التعليمي واستقلاليتها ووضعها الاقتصادي والتماسك الأسري مع أسرتها وأسرة زوجها، قد يخفّف من هذا الأثر.
ويرى ركاب أن الأثر النفسي لغياب الزوج (أو الأب) عن الأسرة أثرٌ كبير.. وكبير جداً، إن كان على الأطفال أو على الزوجة، وكلّما طال هذا الغياب كان التأثير أكبر، مؤكداً عدم فهم أو ملاحظة الأثر بشكلٍ لحظي فلكل أسرة طبيعتها، وحضور صورة الأب من خلال كلام الأم قد يكون له دور مهمّ في تخفيف هذا الأثر، مبيناً أن الزوجة التي تعيش وحيدة بدون زوجها (تبعاً أيضاً لاختلاف استقلاليتها ومستواها التعليمي والاقتصادي)، فإن ذلك يضعها في حالة من الهشاشة لفقد الشريك والسند والحامي في بعض الحالات، وبالتالي يزيد من احتمالية تعرّضها لإساءة التعامل، إضافة لكونها معيلة لأولادها ومضطرة لأن تلعب دوراً مزدوجاً، وهذا ما يمكن أن يكون ضاغطاً جداً بالنسبة لها، وخاصةً في حال عدم امتلاكها للمهارات اللازمة لذلك.
وعن الأثر النفسي لفقدان أحد الوالدين على الأطفال في فترة مبكرة من حياتهم، يبيّن ركاب أن هذا الفقدان يجعلهم أكثر ميلاً لتطور اضطرابات المزاج من اكتئاب واضطرابات مزاج ثنائي القطب، وكذلك احتمالية تطور أنماط شخصية مرضية مع نقص القدرة على إدارة الضغط النفسي والتكيّف معه، بالإضافة طبعاً لعدم الاستقرار العاطفي والانفعالي مع أعراض القلق والتوتر والعصبية، وفقاً لما أثبتته الدراسات، مبيناً صعوبة تحديد مَن لغيابه الأثر الأكبر على الأطفال بين الوالدين، وخاصةً مع اختلاف دور كُلٍّ منهما، ما يجعل لغيابه تأثيراً مختلفاً، فالأم -يضيف ركاب- التي تقدّم الرعاية الرئيسية للأطفال قد يشكل غيابها نقصاً في الرعاية الوالدية العامة، بما فيها نقص التغذية والعناية الشخصية، أما غياب الأب فقد يترك أثراً عميقاً في بنية الشخصية عند الأطفال، حيث يمكن أن تظهر على الأطفال الفاقدين للأب الكثير من الأعراض العاطفية كالقلق والتوتر والخوف والعصبية والرهابات والاكتئاب، وكذلك الأعراض السلوكية كاضطرابات النوم والكوابيس الليلية أو نوبات الفزع الليلي واضطرابات الطعام.