تحقيقاتصحيفة البعث

بعد أخذ ورد طال أمدهما.. طرطوس على موعد قريب مع واقع تنظيمي يليق بجمالها

لؤي تفاحة

يترقب أهالي مدينة طرطوس بشغف وضع اللمسات الأخيرة على الدراسات التنظيمية الشاملة لتطبيق القانون 23 لعام 2015 الناظم لمعالجة أعقد ملف فرض واقعاً مشوهاً للمدينة الساحلية من خلال غضّ الطرف منذ عقود عن مناطق جماعية سكنية مخالفة  “زنرت المدينة كما يزنر السوار المعصم”، لتأتي مفاعيل الحرب وتداعياتها الخطيرة لتزيد الطين بلة!.

فضاءات القانون

بحسب توقعات أصحاب الشأن والاختصاص يشكّل القانون 23 فضاءً واسعاً من المخططات الحديثة التي تلبي الطموح وتعطي الكثير من الحقوق للمواطنين من جهة، ومن جهة أخرى تسمح لمجلس المدينة الدخول بقوة لهذه المناطق الشاسعة   لتنظيمها وتخديمها بكافة الخدمات، ولاسيما أن الموقع يشكّل رئة جميلة للمدينة، وبحسب كلامهم فإن ما عزّز من إيجابية هذه التوقعات المشروعة صدور القانون المتعلق بمعالجة ملف الواجهة البحرية الشرقية بعد مضي أكثر من نصف قرن من الإهمال، الأمر الذي أعطى جرعة تفاؤل كبيرة بوجود إرادة جادة وصادقة من الجهات المحلية والوصائية بما يعكس الاهتمام الرسمي بهذه المحافظة وكما تستحق طرطوس.

توجه جدي

ومن خلال حديث المهندس إبراهيم الشيخ رئيس دائرة التخطيط العمراني في مجلس مدينة طرطوس أوضح لـ”البعث” أن هناك توجهاً جاداً من المجلس ومتابعة حثيثة لوضع المخططات العملية والعصرية بأعلى المواصفات وصولاً لصدور المراسيم الناظمة في نهاية المطاف لكي يتمّ الانتقال إلى المرحلة التالية من التنفيذ، والتي تتضمّن الموافقة على إخضاع مناطق التوسع المصدق تنظيمها بالقرار الوزاري رقم 1101/ق تاريخ 30/4/2006 وبالقرار الوزاري رقم 1654/ق تاريخ 9/7/2008 للتنظيم وفق أحكام القانون رقم /23/ لعام 2015، بالإضافة إلى قرار مجلس مدينة طرطوس رقم /67/ تاريخ 11/5/2016 المتضمن إخضاع مجموعة من العقارات الواقعة خارج مناطق المخالفات الجماعية للتنظيم وفق القانون /23/ لعام 2015، مشيراً إلى أنه تمّ تصديق القرارين المذكورين أعلاه بموجب قرار المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة رقم /773/تاريخ 5/10/لعام 2016.

مساحات كبيرة

وبيّن الشيخ أن مساحة مناطق السكن العشوائي (المخالفات الجماعية) في مدينة طرطوس والمصدّق تنظيمها بالقرار الوزاري رقم /1654/ق تاريخ 9/7/2008 تُقدّر بحدود 398 هكتاراً تقريباً، وتتوزع في أحياء (وادي الشاطر- رأس الشغري- الرادار- أبو عفصة- روم الذهب). وأشار رئيس دائرة التخطيط إلى وجود اقتراح بإحداث 11 منطقة تنظيمية في تلك المناطق وفق أحكام القانون، حيث تمّ تقسيم منطقة التوسع الجنوبي، ويتمّ دراستها بحيث تكون نسب الاقتطاع متساوية ما أمكن حسب الفقرة /أ/ من المادة /4/ من القانون وحساب مساحات البلوكات التنظيمية ضمنها لاختيار الحلّ الأمثل، كما أشار الشيخ إلى إتمام التعاقد مع المؤسسة العامة للدراسات والاستشارات الفنية (فرع المنطقة الوسطى) بالعقد رقم /19/ لعام 2018 وذلك لإعداد مخططات الرفع الطبوغرافي المساحي للمناطق المذكورة سابقاً، وذلك تمهيداً لاستصدار مراسيم خاصة بهذه المناطق عملاً بالمادة رقم /12/ من القانون رقم /23/.

للتأخير مبرراته

وحول أسباب تأخر أعمال المسح الفني وغيرها، بيّن الشيخ أنه يعود للتأخير في عمل الشركة وتسليم أعمال العقد بسبب الحرب التي أجهضت الكثير من المشاريع، إضافة لأزمات الوقود المتلاحقة وجائحة كورونا والزلزال الذي أصاب المنطقة الساحلية، إضافة إلى تعذر عمل العناصر خلال فترات الشتاء كون الأعمال أغلبها حقلية.

بداية لافتة

وذكر رئيس دائرة التخطيط العمراني، أنه بعد الانتهاء من أعمال المسح من قبل عناصر الشركة في بداية عام ٢٠٢٤ تمّ تدقيق مخططات الرفع الطبوغرافي من قبل لجنة التدقيق والمتابعة، ومن ثم تمّت عملية الاستلام من قبل لجنة الاستلام المشكلة لهذه الغاية، وعليه باشرت الدوائر المختصة في مجلس المدينة بإعداد المخططات التنظيمية التفصيلية التقسيمية للمناطق التنظيمية الـ/14/ والتي تعدّ واحدة من الوثائق المطلوبة ضمن أضابير المناطق التنظيمية، وذلك من خلال مراعاة الوضع الراهن للأبنية القائمة والمخطط التنظيمي المصدق، وبما يحافظ على حقوق الأخوة المواطنين وحقوق المدينة، وتمّ عرض هذه المخططات على المكتب التنفيذي لمجلس المدينة والذي أصدر قرارات اقتراح إحداث المناطق التنظيمية أصولاً.

وبحسب المهندس الشيخ يتمّ حالياً المتابعة بإعداد أضابير المناطق التنظيمية ليتمّ خلال الفترة القادمة إرسالها إلى الجهات المعنية تمهيداً لصدور مراسيم مناطق تنظيمية، مع اعتبار أن صدور المراسيم هو المرحلة الأهم من مراحل القانون ٢٣ لعام ٢٠١٥ ومن بعدها يتمّ استكمال الإجراءات أصولاً من خلال لجان محدّدة المهام والمدة وفق أحكام القانون والتي تقوم بعمليات التقدير البدائي وحلّ الخلافات، ونهاية بلجنة التوزيع الإجباري والتي تقوم بتوزيع المقاسم الناتجة عن التقسيم على مالكي العقارات المشكّلة لكل منطقة تنظيمية وفق القوانين والأنظمة النافذة.

 تخوف مشروع

بالمقابل لم يخفِ العديد من أصحاب الخبرات والعقارات تخوفهم من بوادر “باتت حقيقة ملموسة” لارتفاع أسعار قيمة الأراضي التي ستدخل ضمن التنظيم وفق القانون المذكور سابقاً، وبأرقام خيالية غير مسبوقة ويفوق خيال الكثيرين، وأثر كلّ ذلك على الواقع الحالي للمدينة، ولاسيما أنها محكومة بعدم القدرة على التمدّد في أكثر من اتجاه حيث البحر غرباً والاتوستراد الدولي شرقاً.

أرضية حقيقية

مهما يكن، فإن القانون 23 لعام 2015 هو قانون عصري وبامتياز يلبي الطموحات والرؤى المستقبلية للمدينة، بعد سنوات من الأخذ والردّ والتقاعس من كل الجهات المعنية  في المرحلة السابقة التي لم تبادر إلى الحلول، فهل يشهد النصف الآخر من العام الحالي أرضية حقيقية متكاملة لتحقيق أحلام وطموحات أهل المدينة الحالمة!.