المنتخب الوطني لكرة القدم بين مطرقة الغضب وسندان النتائج
ناصر النجار
ما زال الحديث عن المنتخب الوطني لكرة القدم يأخذنا نحو عوالم كثيرة، وما زلنا نحاول البحث عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة للخسارة الكارثية أمام كوريا الديمقراطية، ومع ذلك نخشى أن نخطئ الظنّ، أو أن نكون ظالمين لمن عمل واجتهد، والحقائق ستظهر قريباً مهما تكتّم عليها أصحاب الشأن.
منتخبنا اليوم وقد وصل إلى هيروشيما مكان المباراة المرتقبة مع اليابان يتمرن بصمت وقد تجرّع مرارة الهزيمة، وأدرك صعوبة النزال مع اليابانيين على أرضهم، ويحاول أهل الحل والربط إخراج اللاعبين من أذى الخسارة ونسيانها، لعلّهم يظهرون بصورة أفضل من الصورة التي ظهروا عليها في مباراتهم السابقة.
إذا أردنا التحدث بشكل واقعي بعيداً عن محاباة أحد أو التجني على أحد، فسنجد أن إدارة المنتخب تبذل قصارى جهدها لحرق المسافات والإقلاع بالمنتخب نحو آفاق أوسع، ولكن هذا الكلام لا يكفي للوصول إلى الهدف المنشود، فالعملية الكروية هي عملية تكاملية تحتاج إلى وجود مقومات وإلى تعاون كل أطراف اللعبة على تحقيقها.
على الصعيد الإداري تمّ العمل بأقصى الطاقات من أجل استقدام أفضل اللاعبين القادرين على صناعة كرة سورية جيدة ومقبولة يمكن أن تدخل خط المنافسة بعد سنوات، وعلى الصعيد الفني فإن التشكيلة ما زالت دون الطموح ويشوبها الكثير من الشوائب جراء استقدام بعض اللاعبين غير الجديرين بقميص المنتخب، لذلك مع تعدّد الإصابات الذي أفرز غياب بعض اللاعبين المؤثرين لم يظهر منتخبنا بالمستوى المأمول، وكانت الخسارة مستحقة قياساً على ذهنية اللاعبين المشاركين، وخاصة في خط الدفاع.
بقية الأمور ما زالت تشكّل عقبة في وجه تطور الكرة السورية، أهمها افتقاد كرتنا للملاعب الصالحة وللتجهيزات الضرورية للنهوض بكرة القدم، وافتقاد أنديتنا للفكر الكروي الصحيح، فلا منهج ثابت ولا استراتيجية صحيحة موضوعة، وكلّ يعمل بكرة القدم وفق هواه وكأنها موروث عائلي.
من الضروري بعد مباراة اليابان أن تكون هناك مراجعة شاملة ودقيقة لما تمّ إنجازه، وأن يكون هناك تقييم صحيح لمرحلة كوبر، قبل اتخاذ أي قرار، المهمّ أن يكون القرار المتخذ بعيداً عن العاطفة وردّة الفعل المتسرعة، لأن الصحيح ان نستمر بالعمل بعد إزاحة العراقيل وتذليل كل الصعاب، ولنحذر من العودة إلى نقطة الصفر لأنها ستهدم ما تبقى من كرتنا.