الاجتماع الدّوري لجمعية الشّعر.. استسهال الكتابة يضعنا أمام نظام “التّفاهة الشّعرية”
نجوى صليبه
“الشّعر يزهر في كلّ المواسم” عنوان المهرجان الشّعري الذي دعت إليه جمعية الشّعر في اتّحاد الكتّاب العرب، ظهر أمس الثّلاثاء، وشارك فيه شعراء من عدد من المحافظات، وقدّموا قصائد متنوّعة الأغراض الشّعرية، ولن نستذكرها ها هنا أو نحللها أو ننقدها سلبياً أو إيجابياً، ولن نتحدّث عن مستواها لأنّ ردود أفعال بعض الحاضرين كانت كفيلة بتحديد المستوى، وإن بالغ بعضهم الآخر بردّة فعله أو تعليقاته، وربّما لم يشأ أن يسجّل موقفاً صريحاً واضحاً، واكتفى بهزّ رأسه يمنة ويسرة أو ضرب كف على كف، حسرةً وندامةً على الشّعر، لكن سنتحدّث عن الملاحظات والمقترحات التي قدّمتها صراحةً الشّاعرة ليندا إبراهيم، إذ أكّدت أهمية إلقاء الضّوء على الشّعراء السّوريين الذين حصدوا جوائز في مهرجانات شعرية عربية، واستضافتهم والاحتفاء بهم، وضرورة اجتماع الجمعية بشكل دوري لكي يتمكّن الشّعراء في المحافظات الأخرى من الحضور، بالإضافة إلى الاهتمام أكثر بشعراء كبار لم يعد أحد يسأل عنهم.
مقترحات أجابت عليها أمينة سرّ الجمعية الشّاعرة طهران صارم بالقول إنّ الإعلان عن المهرجان كان موجوداً على مجموعة الـ”واتس” وإنّ الجمعية غير قادرة على استيعاب الجميع في مهرجان واحد، أمّا بالنّسبة إلى الاحتفاء بالشّعراء الذي حصلوا على جوائز عربية فمن المقرّر إقامة جلسة خاصة، مضيفةً: “بالنّسبة للأسماء، فمن شارك في مهرجانات سابقة، لم نضع اسمه في هذا المهرجان، وهناك زملاء اعتذروا عن الحضور، لكن قدّم الجميع مشاركاته بكلّ جدّية واهتمام، أمّا بالنّسبة إلى فكرة أن يكون الاجتماع شهرياً، فهذا صعب مادياً وجسدياً على الشّعراء الأعضاء”.
الدّكتور محمد الحوراني رئيس الاتّحاد، وبالإضافة إلى تأكيده ما بيّنته صارم، ركّز على ضرورة الأخذ بالملاحظات السّابقة، وتوقّف عند الكوارث التي يعانيها الشّعر قائلاً: “أتمنى أن تُكثّف الجهود أكثر، وهذا يتحمّله الاتّحاد كلّه لا جمعية الشّعر فقط، دعونا نجري مكالمات هاتفية لا رسائل، فالبعض لا يقرأ إلّا الأخبار التي تتحدّث عنه، وأتمنى أن يكون هناك تواصل أكثر في الاجتماعات القادمة، الموضوع الأكثر أهمية هو أنّنا لا نريد إلقاء وسماع الشّعر فقط، اليوم، لدينا حالة مسيئة جدّاً للمشهد الثّقافي والأدبي عموماً، وهي حالة الاستسهال في كتابة الشّعر أوّلاً وتسيّد المنابر من قبل أناس لا علاقة لهم بالشّعر، إذ يأتي فلان من الشّعراء ويكتب لفتاة أحبّها -ولسنا ضدّ الحبّ- معتقداً أنّ ما كتبه شعر، وهذا ذكرته في المؤتمر وشنّت عليّ حرب من وقتها، وما تزال بسبب ما قلته، واليوم نحن أمام شعراء لا علاقة لهم بالوزن ولا بأيّ شيء، ويتنقلون مثل تدوير النّفايات من منبر إلى منبر، يجب علينا كاتّحاد كتّاب وشعراء حقيقيين المساهمة في وضع حدّ لهذه الحالة، لأنّها ستضعنا أمام نظام “التّفاهة الشّعرية” والتّفاهة في كلّ شيء، من حقّ أي شخص أن “يتغدى” مع أيّ شخص، لكن ليس من حقّه أن يحضره إلى الحقل الإبداعي، ولا تجبروا شخصاً على أن يكتب عن آخر فقط لأنّ الآخر يملك المال، وهناك شعراء يرفضون الحديث عن فلان أو فلانة، لكنّهم عندما يجتمعون فيه -أو فيها-، يجعلونه أو يجعلونها أشعر الشّعراء وأشعر الشّاعرات، هذا بالإضافة إلى وجود شباب لا يميّز بين الخاطرة والنّثر والتّفعلية، لذلك يجب استضافة الشّباب الذي يشتغل على نفسه ويريد تطوير أدواته”.
وأضاف الحوراني: “رجاءً مناقشة هذه الحالات من خلال إقامة ندوات ودعوة المعنيين والإعلاميين، فقد وصلنا، اليوم، إلى حالة كارثية في الشّعر والإبداع، وهؤلاء يتكاثرون أكثر فأكثر، والاتّحاد يتحمّل مسؤولية والشّعراء كذلك”.
أمّا السّؤال “البريء” الذي لا بدّ منه الآن هو: “هل يزهر الشّعر حقّاً في كلّ المواسم؟”.