الحاجة للتمويل الضخم تعرقل الكثير من مشاريع الطاقات المتجددة
دمشق – ريم ربيع
لم يخفِ القائمون على قطاع الطاقات المتجددة العرقلة الكبيرة التي تواجهها المشاريع بسبب التمويل، وتعثر الكثير منها حتى قبل انطلاقها لحاجتها إلى محفظة تمويلية ضخمة لا تؤمنها المصادر الموجودة حالياً، خاصة وأن الكلف التأسيسية عالية جداً، إذ بيّن معاون مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة الدكتور يونس علي أن من الضروري وجود مصادر واضحة للتمويل، فالطاقات المتجددة تحديداً تحتاج مصادر تمويلية كبيرة، حيث سبق وتعثرت خطط بعض الدول بسبب غياب سياسة التمويل، لذلك يتم التوجه لآليات مبتكرة بحيث تسهم رؤوس الأموال المحلية بالاستثمار بالطاقات.
وتواجه مشاريع الطاقات المتجددة –بحسب علي- ارتفاعاً بتكاليف رأس المال الأولي والحاجة لاستثمار طويل الأجل، فضلاً عن مخاطر التقدم التكنولوجي، وصعوبة مطابقة تدفقات الإيرادات طويلة الأجل مع تدفقات الإيرادات قصيرة الأجل، مشيراً إلى تردد المستثمرين بسبب عدم الاستقرار التنظيمي والمالي والاقتصادي، وعدم القدرة على توفير ضمانات لهم.
وأوضح علي في ثاني أيام مؤتمر الاستثمار بالطاقات المتجددة، أن سورية اعتمدت نظام تعرفة التغذية وعملت به منذ 2011 عبر الالتزام بشراء الكهرباء المنتجة بأسعار تشجيعية، إضافة إلى رؤية لإلزام الصناعيين بأن يكون 30% من الكهرباء المستهلكة في منشآتهم سنوياً منتجة من الطاقات المتجددة، داعياً إلى التشجيع على إقامة شركات مساهمة عامة، وجمعيات تعاونية كهربائية، وتفعيل دور القطاع المصرفي، وإدراج المشاريع ببرنامج دعم الفائدة، إضافة لإيجاد آلية مناسبة لتقديم الأراضي اللازمة، واستكمال إنشاء سوق الكهرباء على أسس اقتصادية، وإحداث هيئة ناظمة للكهرباء، وتوسيع عمل صندوق دعم الطاقات المتجددة.
بدوره أشار ممثل المصرف المركزي عصمت يوسف إلى التوجه لدعم تمويل مشاريع الطاقات تماشياً مع التوجهات الحكومية، وذلك عبر إجراءات مباشرة كتوجيه التمويل بتحديد نسب ملزمة من المحفظة الائتمانية وسقوف التمويل، والقروض الانتقائية وتسهيل الإجراءات ودعم سعر الفائدة، وخفض كلف التمويل، إضافة لإجراءات غير مباشرة كمنح مزايا للمصارف بما يتناسب مع تشجيع الإقراض لقطاعات معينة، وزيادة قاعدة الأموال المتاحة للإقراض عن طريق توجيه السيولة المحلية باتجاه القطاع المصرفي، ورفع نسبة التمويل للمشاريع المعتمدة على الطاقات المتجددة.
ولفت عصمت إلى منح قروض الطاقات من قبل المصارف العامة بسعر فائدة مدعوم وتمويل يصل لـ100% من كلفة المشروع وفترات سداده 15 عام، حيث تم منح أكثر من 5000-7000 قرض عبر صندوق الطاقات والمصارف، مع الإشارة إلى أن المصرف التجاري هو الرائد حالياً، علماً أن بعض المصارف قد تكون لم تفعّل بعد القروض المدعومة من صندوق الطاقات بشكل كافي، مؤكداً أنه سيكون هناك أعباء كبيرة على الصندوق مع زيادة الطلب لذلك يحتاج الأمر ضبط ومتابعة كبيرة.
مدير المصرف التجاري علي يوسف لفت إلى أن محفظة التجاري وصلت لـ275 مليار ليرة حتى الآن كقروض طاقات متجددة، وهي الأضخم مصرفياً، مبيناً أن مشاريع الطاقات تعد من أفضل المنتجات المصرفية مع الشركات فالعائدات المتوقعة مضمونة باتفاقية بين الشركة المنفذة ووزارة الكهرباء، لكن الإشكالية تخص متعاملي صندوق الطاقات المتجددة، فرغم أنه طُلب من المصارف توقيع اتفاقية إطارية مع الصندوق، إلا أنها لم تسعى كلها لمنح هذا النوع من القروض والسبب الرئيسي لهذا الأمر معدل الفائدة الكبير والمحدد بـ11%، مقترحاً إلزام المركزي المصارف أن تخصص نسبة من محفظتها لقروض الطاقات المتجددة.
وهنا أكد رئيس هيئة الأوراق المالية عبد الرزق قاسم أن المشكلة الفعلية تكمن بتمويل المشاريع الكبيرة إما عبر شركات مساهمة أو صناديق استثمارية، مشيراً لمحاولات تأسيس شركات مساهمة عامة، لكنها لم تُطلق لأسباب تمويلية غالباً، فيما يتم العمل على مشروع قانون الصكوك، بحيث يدخل الممول كشريك عبر صك يتم إصداره من إدارة المشروع، بشكل يتيح تأمين التمويل اللازم عبر معدل العائد وليس معدل الفائدة، مما يشجع مجموعة كبيرة من المدخرين والمستثمرين للدخول بهذا المشروع، مبيناً أن القانون بصدد الصدور قريباً.
معاون وزير المالية منذر ونوس أكد أن عملية الإنتاج بالمشاريع القائمة لا تخضع لأية ضربية، كما يتم قبول كل التكاليف والاهتلاكات على عكس ما يتم تداوله، ولا يوجد ضريبة أو تكاليف على نقل الطاقة، موضحاً أن قانون الاستثمار منح مشاريع الطاقات المتجددة محفزات ضريبية، كتخفيض ضريبي 50% من ضريبة الدخل لـ10 سنوات، ومحفزات غير ضربية كالسماح بالاستيراد والاستفادة من خدمات صندوق دعم وتنمية الإنتاج المحلي، إضافة إلى محفزات جمركية.
وتساءل مستثمرون في المؤتمر عن الضمانات اتي يمكن تقديمها لإخراج أموالهم أو استيراد القطع للشركات والمحطات، ليؤكد قاسم أن هناك ضوابط حددت ونظمت إخراج القطع للمستثمر سواء كرأس مال أو كأرباح.