ثقافةصحيفة البعث

مستهدفةً المواهب الشّابة.. إطلاق رابطة البيان الثقافية في دمشق

أمينة عباس
شكّل إطلاق رابطة البيان الثقافية، مؤخراً، وبحضور مجموعة رائدة من الباحثين والمفكّرين والأدباء والإعلاميين والفاعلين في الوسط الثقافي حدثاً مهماً، وسبق لهذه الرابطة أن أقامت منذ سنوات فعاليات ثقافية متنوعة في أوربا، وها هي اليوم تسعى من جديد وبشكل رسمي إلى تقديم خدماتها في الشأن الثقافي والفكري والمعرفي، انطلاقاً من دمشق والمدن السورية، تقول الدكتورة مديحة باراوي مدير عام الرابطة: “يسعدنا أن نكون عبر الرابطة من الفاعلين البارزين في الحياة الثقافية من أجل إعلاء راية الإنسان، واضعين نصب أعيننا متابعة عملنا بكل إخلاص وتفانٍ لاستيعاب كل مفردات الحياة الثقافية وأشخاصها من شباب وشابات من مختلف الأعمار وشرائح المجتمع للمساهمة في البناء المعرفي والفكري العام خدمةً للمجتمع والوطن”، وتستطرد: “منذ أن أسستُ الربطة في الخارج بحكم اغترابي كان حلمي تفعيلها في بلدي سورية، وأنا سعيدة بأن هذا الحلم تحقق، والرابطة منتدى حرّ لكلّ أرباب الثقافة والأدب والعلم، وهي واضحة وجلية برسالتها الإنسانية والأخلاقية والحضارية البانية للإنسان في كل زمان ومكان، ونتطلّع إلى مساهمة حقيقيّة وبنّاءة من كل المحبين المؤمنين بالبيان وأنواعه الفكرية والأدبيّة والفنية ودوره الفعّال في النهضة المجتمعيّة لكي يصبح هذا المنبر منارةً للمثقفين في كل مكان ومحطّ أنظار الشعراء والأدباء والهامات الفكريّة والثقافيّة والأدبيّة في كل صنوف الأدب والفنون والعلوم لتحتضن كل الأدمغة والمواهب الشبابيّة والمساهمات الفعّالة التي تصبّ في خدمة أهدافنا الإنسانية السامية، ومن أولى أهدافنا استهداف الشباب الموهوبين والمغمورين لأن سورية تمتلك من الطاقات والمواهب الشابة الكثير وفي جميع المجالات، وهي بحاجة إلى مدّ يد العون لها لتسليط الضوء عليها ومساعدتها وتشجيعها”.
ولم تخفِ بارواي رئيس مجلس الإدارة في الرابطة سعادتها بتأسيس منارة جديدة من منارات الثقافة قائلة: “تأسيس الرابطة خيار ومهمة وطنية وإنسانيّة، سنسعى جاهدين إلى تحويلها إلى منبر ثقافي حيوي للّقاءات والحوارات والندوات الثقافيّة النوعيّة وورشات العمل التدريبية”، وعن أهداف الرابطة وطموحاتها تضيف: “طموحنا كبير، وقد تحقق حلمنا بإطلاق الرابطة في سورية بعد طول انتظار لنضع اللبنة الأولى في هذا المسار الثقافي الوطني المهم، وأولى الأهداف التي نسعى إليها استقطاب الكوادر الثقافيّة والفكرية والعلمية والأدباء والشعراء والفنانين في بلدنا، خاصة في هذه المرحلة التي جعلت الإحساس بالخيبة يسيطر على الكثير وذلك من خلال مدّ يد العون للمواهب بغية استقطابها وإعادتها إلى المجال الثقافي بشيء من الأمل، ونحن نستهدف جيل الشباب والمواهب الصاعدة ونحتضنها ونساعدها على التنمية والتطوير ومعايشة العصر ومعطياته، وداعمنا الأساس مبدأ تربّينا عليه وهو أن نشعل شمعة خير من أن نلعن الظلام”.
وتؤكد الدكتورة لارا استيتي العضو المؤسس في الرابطة أن الرابطة ستكون نافذة للثقافة والأدب، تحتضن إبداعات الأدباء والأدب، وهي تحمل رسالة مفادها تقديم دعم لأدبائنا ومثقفينا من خلال الأنشطة الأدبية والثقافيّة المختلفة التي ستقوم بها والتي سيتم توثيقها في منصة تفاعلية تشكّل مرجعاً فعالاً للباحثين والمهتمين بالأدب الثقافة لتشكّل الرابطة رافداً ثقافياً يعزز الخطاب الفكري ثقافياً وأدبياً، وستسعى إلى معالجة كثير من القضايا الأدبيّة التي تؤثر في شكل الهويّة الثقافيّة، وستلعب دوراً حيوياً في تشكيل الفن الإبداعي وصون التراث الثقافي والأدبي وحفظه: “نحن أحوج ما نكون في زمن التعطّش الفكري وسيطرة الحروب وغيرها من معوّقات الحياة للارتقاء بفكرنا وعلمنا في زمن فقد كثيرون فيه الثقة بأنفسهم وبالآخر”.
ولإيمان الدكتورة سلوى شعبان العضو المؤسس في الربطة بأن الرابطة ستكون باباً من أبواب الفكر ونشر المعرفة والثقافة والوعي والتنمية، فهي برأيها مشروع وطني بامتياز، هدفه نشر الثقافة الشعبيّة وتأكيد إحياء تراثنا الوطني ومورثنا الشعبي الأصيل أمام تحديات الأيام عبر أنشطة ثقافية وفكرية ومحاضرات ومناظرات هادفة، تُعنى بشرائح المجتمع توعيةً ودعماً وبناءً للأجيال الصاعدة وللمواهب والقدرات والمهارات الموجودة عند مبدعي الوطن، وتضيف: “سنكون مع الصغار والكبار وفي كل الأمكنة، في المدارس والجامعات والمراكز الثقافيّة والمؤسسات والجمعيّات التي تهتم بفكر المواطن وتنمية قدراته وإمكانياته”.
وفي كلمة له في الحفل أشار الدكتور عبد الله الشاهر إلى الدور الذي لعبته وتلعبه الروابط والملتقيات الثقافية عبر التاريخ بما أدته من وعي نهضوي وحضاري واجتماعي يعمّق من خلالها النظرة إلى الثقافة بوصفها خلاصاً جماعياً من خلال طرحها أسئلة الهوية والانتماء، متسائلاً: “ماذا نريد من الروابط والملتقيات الثقافية اليوم وقد أصبح الإيمان بالـ”ميديا” واقعاً تحرر من معوقات المؤسسات الثقافية وتمثل في انتقال مركز الثقافة المؤسسية التقليدية إلى فضاء الإنترنيت في عصر مفتوح لا حدود له وزاخر بالمتناقضات؟” ويضيف: “هذا الانتقال يحمّل الروابط والملتقيات الثقافية عبئاً في البحث عن وسائل وأدوات جذب جديدة ومتنوعة، وعن خلفية معرفية مغايرة تماماً لما كان عليه الحال في الماضي، وهذا يحتم على الرابطة طرح أفكار وتوجهات وهموم ثقافية لديها القدرة على طرحها أمام هذه المعطيات، وإن كانت المؤشرات توحي بأن كثيراً من النتائج يمكن تحقيقها من خلال الروابط الثقافية إذا استطاعت أن تواكب الهمّ الثقافي وتنطلق من ربط الثقافة السائدة المحددة بالثقافة المنفتحة، ولكي تنجح في ذلك لا بدّ من إطار قانوني ومهنيّ ينظّم عملها ويحفظ حقوقها بعيداً عن الطابع الذاتي”.
وعن أهمية وجود الروابط والملتقيات الثقافية ترى الدكتورة آداب عبد الهادي أنها من العوامل الموضوعية لبناء مستقبل ثقافي آمن، وتضيف: “المتلقيات الثقافية حاجة أساسية وركن مهم في الحركة الثقافية وأساس فيها في ظل العولمة الثقافية السطحية التي تخترق عقولنا بما تقدمه من حوار وتلاقٍ وتلاقح بين الأفكار، وأتمنى النجاح للرابطة في مهامها، وأن تكون من العوامل الموضوعيّة في ثقافة المستقبل في ظل المتغيرات الحاصلة في جميع المجالات وفي ظل الثورة التقنية والعولمة، وكل ذلك يجب أن تتصدى له المؤسسات الخاصة”.
وتضمّن الحفل مشاركة للكاتب محمد الحفري تحت عنوان “مقارنة في التراث والأدب والمسرح بين الشرق والغرب”، أوضح فيها من خلال أمثلة عدة أن الهمّ الإنساني واحد، والمعاناة واحدة، والفنون واحدة في التطرق لكثير من المشكلات وفي بثّ المشاعر ولواعج النفس والاختلاف في طرح موضوعات هذه الفنون لتنطلق من البيئة المحلية، مؤكداً دور الحكاية في أدبنا لأنها من تراثنا والتراث العالمي من جهة، ولأن أي كتابة لا تقوم من دونها، يقول: “تتفوق الأعمال العالمية من الناحية التقنية، لكن كل عمل ناجح من جهة التصاقه بمجتمعه هو عمل عالمي”.