ثقافةصحيفة البعث

ثريا عبد البديع: الطفل لا يتعلم من الحكاية والقصة إنما تأتي من التجربة

غالية خوجة

منذ بداية حديثنا، أخبرتني الكاتبة العربية المصرية ثريا عبد البديع بأنها ألّفت ثمانين كتاباً قصصياً للأطفال موجهاً لأعمار مختلفة، تبدأ من عمر ما قبل المدرسة، منها سلسلة بطلها “محمود”، مثل محمود في السوق، في المدرسة، مع جدي، وهذه الأخيرة ترتكز على المواقف الطريفة التي تحدث بين الجد والحفيد، وتابعت: “كتبت روايات قصيرة لليافعين، مثل “أمير في بلاد الأقزام”، و”ضوء النهار والملك زنكار”، واسم الملك ابتدعته لأن الأطفال يحبون هذا العالم من الأساطير الحكائية، فالملك “زنكار” يتوه ويلجأ إلى كوخ، والزوجة تلد، ويأتي لمسامعه، صدفة، أن هذا المولود سيكون سبباً في خروجه عن المُلك، وبعد عودته لمملكته، يأمر الحراس بسرقة هذا المولود، فيأتون به، لكن الحارس المكلف بقتله، يعطيه لأحد الصيادين، فيهتم به إلى أن يكبر، ويتزوج ابنة الملك بعدما يفرض عليه والدها شروطاً صعبة، وبذلك، يصبح الملك.

وعن أهم الأهداف من كتابتها للطفل قالت: “أحترم مشاعر الطفل وعقله وقضاياه، ولا بد من القراءة في علم النفس والروايات والقصص الموجهة للأطفال، لأنني أسعى إلى تنمية الخيال والفكر بإيجابية، ليكون الطفل مفكراً وفاعلاً، وأستبعد أن يتعلم الطفل من الحكاية والقصة إلاّ من خلال التجربة، وضمن هذا المجال، كتبت لليافعين قصة “غناء في قصر مهجور”، وتتحدث عن قصر يظنه الجيران مهجوراً، فيتخيلون الأشباح والنور المطفأ، لكنهم وبعد دعوتهم إلى الاحتفال يكتشفون أنه دُور معرفة ومدارس داخلية، فيشاركون في الأغاني ويستمعون إلى الموسيقا.

أمّا عن كيفية غرس الانتماء والقيم بشكل لمّاح في الطفل، فتبين: “أقدم القيم بشكل محبب من دون ضغوط، وما يشغلني هو التفاؤل والإيجابية، وثقتي بطاقات الطفل، لأنه يستطيع التغيير من خلال الحوار، ولذلك، تتمتع الأعمال الموجهة للطفل بأنها للأهل والمربين والمحيط الاجتماعي في كل مكان مثل المدرسة والنادي، لأن التفاعل محور أساسي في الكتابة للطفل”.

وتابعت: “كتبت للأطفال عام 2004 عن القضية الفلسطينية، والانتفاضة الثانية، والمسجد الأقصى، مثل قصة “علي يرسم حضن بلاده”، وتتلخص بأن معلمة المخيم طلبت من الأطفال أن يرسموا شيئاً جميلاً، كأن يتخيلوا الطبيعة مع النباتات والحيوانات، وحده، “علي” جلس ولم يرسم لأنه لم ير منظراً جميلاً، لكنه، وجد ذات يوم، نبتة طالعة قرب زير الماء، فتحدث معها، وكانت بداية حوار، وبداية رسمه لما يتمناهُ من جمال، فتخيل حضن بلاده ورسم الحدائق والزيتون والنباتات، وفي السياق ذاته، قصة “غداً نأكل الحلوى” التي فازت بمسابقة قصور الثقافة 2002، وتدور حول طفل فلسطيني يعمل في مصنع حلويات تابع للمحتل، يغلّف الحلوى وممنوع عليه أن يتذوقها، وكان يتمنى لو يأخذ منها لأخته سلمى، لكنه كان يصبر قائلاً: “ربما، غداً نأكل الحلوى”.

وأضافت: “إنها معاناة عربية وطنية، ولأكون أقرب إليها، زرت جمعية المرأة الفلسطينية في القاهرة، وأخذت كتباً لقراءتها، وتعرفت إلى الشاعرة سميرة أبو غزالة، وكتبت أربعة أعمال للأطفال، صدرت عن دار المعارف عام 2004”.

وحول التأثيرات المتوقعة، وهل خدمت التكنولوجيا الحديثة الأدب الموجه للأطفال واليافعين؟،

أجابت عبد البديع: “المفترض أن تتمتع موضوعاتنا بأساليب جديدة للتواصل مع الأطفال وعوالمهم وطرقهم في التعبير وتواصلهم مع الآخرين، وأعتقد أن الكتاب الإلكتروني يدعم الكتاب الورقي، لأن القارئ إذا أعجبه الكتاب الالكتروني فسيقتنيه ورقياً”.

كانت حرارة الشمس مرتفعة، ونحن ما زلنا نكمل الحوار، فسألتها: أين الدراما الموجهة للطفل؟ ولماذا لا يحولون في وطننا العربي ما نكتبه إلى مسلسلات وأفلام ومكتبات سمعية تعرضها مختلف الوسائل ومنها التكنولوجية لتكون أكثر تأثيراً وانتشاراً؟ نظرت عميقاً إلى الأفق وأجابت: “أرى أن الاهتمام بالأطفال العرب في كل البلاد العربية ليس اهتماماً حقيقياً فهو أقرب إلى الشكلانية، وليت هناك شجاعة في اتخاذ القرارات المناسبة لتحويل الأعمال الأدبية المناسبة إلى دراما شاشة عادية وتكنولوجية ومسرح”.

وختمت عبد البديع بقولها: “أمتنا شابة ولا بد من قياس الإنفاق على تعليمهم وترفيههم وتوعيتهم والاهتمام بتثقيفهم كما يجب، ولا بد من توجيه الإنفاق بشكل إيجابي، لأن أطفال العالم العربي ثروة بشرية قومية وقوية وتحتاج إلى حمايتها ورعايتها وتنميتها وتوجيهها، لذلك، نشكو من عدم انتماء هذه الأجيال أو بعضها، سواء للأسرة أم القيم أم المجتمع، لأن الإهمال يحصد العشوائية واللاانتماء.