“ثوب العيد” من وحي الواقع في مسرح العرائس
أمينة عباس
يخوض المخرج المسرحي نديم سليمان من خلال مسرحيته الجديدة “ثوب العيد” والتي بدأت عروضها في مسرح العرائس قبل أيام تجربته الإخراجية الرابعة في مسرح العرائس من خلال نص كتبته الكاتبة فاتن ديركي في ثاني تجربة عرائسية لها بعد مسرحية “نمرود والأصدقاء” التي قُدّمت عام 2019.
تتناول المسرحية حكاية “ليلى” الطفلة الطيبة المُحبّة لصديقاتها والتي حزنت لأن والد صديقتها “همسة” لم يستطع شراء ثوب العيد لابنته بسبب ظروفه المادية الصعبة.. تقول الكاتبة ديركي: “مسرحية ثوب العيد من وحي الواقع، حيث فكرة النص تركز على قيمة إنسانية مهمة هي أن نكون رحيمين تجاه بعضنا، وأن نتشارك الفرح والسعادة مع من حولنا من الأصدقاء، كذلك ينبه العرض إلى ضرورة الالتزام بنصائح الوالدين لكي لا يتعرض الطفل للخطر والأذى، وبشكل عامّ يهدف النص إلى التحريض على فكرة التكافل الاجتماعي بين الناس وتعزيز قيم الخير والمحبة والوفاء”..
وعن سبب تكرار تجاربها في مسرح العرائس تبيّن ديركي: “لمسرح العرائس خاصية تجعله مقرباً من نفسي لأن بثّ الحياة في الدمى وجعلها تتحرك وتتحدث ككيان حقيقي سواء أكانت شخصيات إنسانية أم حيوانية حالة جميلة، فيها إبداع حقيقي وتشدّ الطفل بشكل كبير، وقد شعرتُ بهذا الانجذاب لهذا المسرح بعد كتابة وإخراج مسرحية “نمرود والأصدقاء” حيث كانت أول تجربة لي في هذا المضمار، حينها لفتتني كثيراً العلاقة الحميمة بين الدمية والطفل وطريقة تعامل الأطفال مع الدمى أثناء التحية والختام، وحرصهم على الاقتراب منها ولمسها وكأنها شخوص حقيقة من لحم ودم، وهنا قدّرتُ أهمية هذا الفن بالنسبة للأطفال في العمر المبكر ودوره الكبير في تعزيز القيم التربوية والأخلاقية لدى الطفل وتحديد مسيرته الحياتية والاجتماعية من خلال نص غير معقد وبسيط ولا يحتوي على المعاني والمفردات الصعبة، وله خط درامي واحد لكي لا يضيع الطفل ويتشتت، كذلك غنيّ بالأغاني والموسيقا وألّا تتجاوز مدة العرض أكثر من نصف ساعة لأن الطفل في هذه المرحلة سريع الملل”.. وتوجه فاتن ديركي الشكر للمخرج نديم سليمان لأنه أعطى النص حقه بإخراجه بأبهى حلة: “هو من المخرجين الشغوفين بمسرح العرائس والمدركين لأهميته بالنسبة للطفل”.
وبعد النجاح الذي حققه المخرج نديم سليمان في تجاربه العرائسية السابقة يبدو أنه انحاز لمسرح العرائس، خاصة أنه ليس غريباً عن عالم الطفل، فهو يعمل منذ سنوات طويلة في مجال الكرتون كمدبلج ومخرج في محطة الأطفال سبيستون، ويحدثنا قائلاً: “عملتُ لسنوات طويلة كممثل ومن ثم كمخرج، وقد تأخرت في العمل في المسرح الذي لم أختبره إلا عندما توافر نص جيد بين يديّ هو نص “مغامرة في مدينة المستقبل” للكاتب جوان جان، الذي شجعني على خوض التجربة الأولى لي في مسرح العرائس، ومن ثم الاستمرار فيه ليصبح في رصيدي أربع تجارب تكللت بمسرحية “ثوب العيد”، ولأنني كنتُ وما زلتُ أبحث عن البساطة في النص والعمل ككل، وجدتُ ضالتي في نص “ثوب العيد” القريب جداً من الطفل لإيماني بأن النص القوي هو النص المدروس جيداً من قِبل الكاتب والذي يحتوي فكرة هادفة تصل ببساطة إلى الأطفال، وهو ما توافر في “ثوب العيد” الذي يحكي عن حبّ الأصدقاء ومساعدتهم لبعضهم”، وردّاً على سؤال “كيف تنجح الدمى في مسرح العرائس في مخاطبة الأطفال والتواصل معهم بشكل مقنع؟”، يجيب سليمان: “لتنجح الدمى في مخاطبة الجمهور وتتواصل مع الأطفال يجب أن تكون قريبة جداً إلى الواقع والطفل، فإذا أحب الطفل شكل الدمى سيتفاعل مع الحكاية، وهذا ما توافر في الدمى التي صنعتها الفنانة إيمان عمر”.
ولا يخفي سليمان أن العمل المسرحي بشكل عام ومسرح العرائس بشكل خاص عمل صعب ويحتاج إلى جهد كبير وإخلاص وتفانٍ: “تُعد المرحلة الأولى هي المرحلة الأصعب لأنها مرحلة التحضير”، وحول سبب عدم كتابته لنص وإخراجه وهو ما اعتادَ عليه معظم المخرجين يوضح: “أفضّل العمل على نصوص الآخرين ما دامت هذه النصوص تلبي حاجتي ورغبتي في التوجه إلى الطفل، بالإضافة إلى إيماني بأنّ وجود كاتب ومخرج يغنيان العمل بوجهات نظر مختلفة، وإن كتبَتُ أفضّل أن يخرج ما كتبتُه مخرج آخر”.
الجدير بالذكر أن مسرحية “ثوب العيد” تقدمها مديرية المسارح والموسيقا ضمن تظاهرة فرح الطفولة مستمرة بعد عطلة عيد الأضحى على مسرح العرائس بدمشق في تمام الرابعة عصراً.
أصوات الممثلين: فاطمة أبو عقل وأسامة التيناوي وباسل الرفاعي ولمى سالم وآلاء الخضر وهبة سنوبر، والموسيقا فهي لأيمن زرقان، ونفذ إياد ديوب الديكور، وتمثيل الفنان جمال نصار.