بيادر خاوية ؟!
بشير فرزان
تكثر في هذه الأيام الخطابات والشعارات التي لا ينتج عنها إلا البيادر الخاوية من أي فعل حقيقي في ساحات العمل والانتاج. ولسنا بصدد التحريض أو الإساءة، بل على العكس تماماً نريد وضع الحروف على النقاط وتوضيح ما نسميه مجازاً هنا الحلقة المفقودة بين الواقع الفعلي للأداء الإداري وبين ما يطرح ويقال وما ينفذ منه، خاصة ذلك الكلام المفعم بالحيوية والمتخم بالأفكار والرؤى المستقبلية حول كيفية النهوض والارتقاء بالأداء الحكومي وتحقيق الانتعاش بكل أوجهه وانعكاساته الايجابية على حياة المواطن الذي يتطلع إلى نتائج “ربط الأجر بالإنتاج” من باب التفاؤل والأمل.
ولاشك أن المشاهد والمواقف اليومية التي تتكرر في المؤسسات تثبت غياب المعايير الصحيحة في التقييم، وتضع في الوقت ذاته الكثير من الإدارات أمام مسؤولياتها الغائبة عن دائرة التصويب والمحاسبة. والغريب أنه بالرغم من شكوى الكثير من المسؤولين هذه الأيام من الفراغ الإنتاجي وغياب المقومات التي من شأنها تأمين استمرار عمل مؤسساتهم بشكل صحيح، خاصة بعد توقف الكثير من المشاريع والخطط التنموية والإنتاجية وتخريب البنى التحتية والاقتصادية، إلا أن ذلك لم يؤثر على برامج عملهم اليومية، فسلسلة اجتماعاتهم متواصلة، وبالكاد يستطيعون رعاية ورؤية أسرهم أو التفرغ ولو لدقائق معدودة لإجراء لقاء صحفي يخدم الصالح العام؛ والمفاجأة أنه بعد كل هذا الانشغال والاجتماعات، لا نجد شيئا حقيقيا على الأرض، فكل ما يتمخض عن تلك العقول المفكرة محكوم بالفشل والعودة إلى المربع الأول من التخطيط والدراسة وإعادة ترتيب الأولويات، في حين تبقى المخالفات ذاتها موجودة، وتبقى الخسائر التي تكتسب صفة الديمومة، والأرباح تهاجر من عام إلى أخر وفق سجلات خاصة بإنجازات الإدارات التي تواصل ضخ المزيد من الإشارات الاستفهامية إلى سجلها الحافل بالغموض.. هذا عدا عن تخبط تلك المؤسسات في شبكة عنكبوتية من القرارات والمشروعات التي تقف دائما عند نقطة الصفر. وهنا، نتدخل كإعلام لنجاهد في التواصل مع الإدارات للحصول على المعلومات التي تخدم بلدنا وتحقق النفع العام ونتابع بشكل دائم أصحاب العلاقة لنوثق أي فكرة نتبناها بالاعتماد على معلومات أصحاب الشأن، إلا أن ما يحدث في الواقع يختلف تماماً عن هذا السيناريو، ففي كل مرة نحاول فيها التواصل هاتفيا معهم تكون الإجابة “المدير أو الأستاذ في اجتماع”، وتتكرر الإجابة إلى ما لانهاية دون أن تتزحزح الردود على تساؤلاتنا من خانة اللاجواب.
وفي مقابل ذلك، هناك من المديرين من يؤمن بسياسة الأبواب المفتوحة ولكن على طريقته الخاصة، حيث يصطدم كل متفائل بصخرة فكرية يعجز عن زحزحتها قيد أنملة، فأفكارهم “عصملية” وانفتاحهم ليس إلا واجهة لخوفهم وهروبهم من حقيقة فشلهم، حيث يحصنون أنفسهم بالروتين والتمسك بالأصول والقواعد المتبعة في التصريح، والتعامل مع كل سائل على أنه متربص بمؤسساتهم وإنجازاتهم ويعيشون دائما ضمن دائرة التآمر.
إن ربط الأجر بالإنتاجية من أهم المعادلات الرياضية التي يجب تطبيقها على الوزارات والمؤسسات، وخاصة على من هم في سدة القرار، فهي بنتائجها المرتقبة أشبه بالغربال الذي لن ترحم ثقوبه تلك الإدارات المترهلة التي لا تعمل ولا تعطي أي قيمة إنتاجية مضافة، وهذه أول خطوة في مسار التطوير الإداري الذي نسمع أنه تجاوز خط البداية في حين الواقع يقول عكس ذلك.