اقتصادصحيفة البعث

اقتصاد الجار والمجرور..!

حسن النابلسي

لم تتضح بعد حيثيات مبدأ التوجه شرقاً، رغم مرور ما يزيد عن عقد من الزمن على اعتماده من حكومتنا، فالحديث عن هذا الموضوع لم يخرج عن إطار العموميات، كما أنه لم يتعد البعد الإعلامي، إذ أن هناك من يُسوَق بأنه جاء كردة فعل على العقوبات الأوروبية والأمريكية التي فرضت على سورية مع بداية الأحداث الأليمة الراهنة.

إلى الآن لم تتضح معالم هذا التوجه، وكيفية التعامل مع الشركاء الجدد، سواء من جهة المعاملة بالمثل، أم من جهة التكامل في المعاملة، بحيث نرتبط مع هؤلاء الشركاء باتفاقيات ومواثيق تلزم الأطراف كافة بأصول التعامل التجاري والاقتصادي.. بمعنى أدق معرفة احتياج الشريك لما ينتج في سورية، وإلزامه باستيراده، والعكس صحيح.

ولعل في تجربتنا مع “الأوروبي” دَرْس يستوجب علينا التعلم منه، وعدم اللدغ من الجحر مرتين، فالتكامل من ناحية الإنتاج الزراعي كان شبه معدوم، نظراً لتشابه الظروف المناخية مع بعض الدول الأوروبية الوقعة في حوض المتوسط، وبالتالي لم نكن نحظى كثيراً بتصدير محاصيلنا الزراعية إليها، رغم أن كثيرا من دول العالم متعطشة لها خاصة تلك المحاصيل ذات الخصوصية والميزة النسبية، مثل الفستق الحلبي وحبة البركة وغيرها.

ما نود التركيز عليه في هذه العجالة هو أهمية المعاملة بالمثل، خاصة وأن كثيرا من الشركات العالمية بدأت تعد العدة للولوج إلى السوق السورية للاستثمار فيها تحت عنوان الإعمار والبناء، وهنا فإن علينا أن نأخذ بالحسبان كيفية (الاستثمار في سورية) بما يعود بالفائدة والقيم المضافة على اقتصادنا الوطني، لا أن نقع في مطب (استثمار سورية) واستنزاف خيراتها ومقدراتها لصالح الغير، كما حصل عندما دخلت المصارف الخاصة وشركات التأمين تحت عنوان الاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال ضخ السيولة في شريان السوق المحلية، ليتبين لاحقاً انحرافها عما أطلقته من شعارات، واتجاهها نحو القروض الاستهلاكية (وشفط المدخرات)، وبالتالي استثمرت خيراتنا، ولم تستثمر لخيرنا.

خلاصة القول .. الاقتصاد كما السياسة هو لعبة مصالح، وعلينا أن نجيد هذه اللعبة، وأن نجيرها قدر الإمكان لصالحنا، للوصول إلى اقتصاد وطني متين على الأقل إقليمياً.

hasanla@yahoo.com