العطل القضائية مع الرسمية تصل إلى أكثر من 50% من أيام الدوام
دمشق- لينا عدره
البعض يذهب في تشاؤمه للقول إن عمر الإنسان لا يكفيه إلاَّ لدعوى واحدة، همٌّ من جملةِ هموم الناس ومعاناتهم التي يئنّون تحت وطأتها حين تقودهم الظروف السيئة لأن يدخلوا في متاهات المحاكم التي تأتي إطالة أمد التقاضي في طليعة متاهاتها..
لم الإطالة وهدر كلّ هذا الوقت؟ يتساءل الأستاذ المحامي منيب هائل اليوسفي في تعليقه على أثر العطل الطويلة على سير عمل المحاكم، مؤكداً أثر تلك العطل على سير العملية القضائية وحقوق المتقاضين، منوهاً بأن سرعة الوصول إلى الحق هي جزء من أصل الحق. وبالتالي من ينال حقه اليوم غير الذي يناله بعد خمس أو عشر سنوات، خاصةً وأن ما يزيد الطين بلة أنه، وزيادةً على طول أمد التقاضي لدينا عطل لأيام طويلة على اختلاف مناسباتها الدينية والرسمية وغيرها، يضاف إليها العطل الثابتة يومي الجمعة والسبت، وهذا كلّه يؤثر على عملية التقاضي، مشدداً على أهمية الإضاءة على موضوع العطل، ليس كمأخذ عليها، معتبراً تجاهل الحديث عنها هو المأخذ، وبالتالي ضرورة العمل للبحث عن حلول حتى لا نقع في مطب تقليد النعامة التي تخفي رأسها في الرمال. وحيث إن عدد أيام العطل الرسمية في الأشهر الست الأولى لعام 2024 بلغ 85 يوماً، ستزداد وترتفع خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وهي أشهر العطل القضائية، لتصبح 144 يوماً من أصل 247 يوماً، وبنسبة وتناسب سنكون أمام أكثر من خمسين بالمئة عطل مقابل أيام الدوام الرسمي!
لذا يرى اليوسفي أن وجود كلّ تلك العطل يؤثر على سير عمل المحاكم، إضافة للعطل القضائية التي تبدأ أول خمسة عشر يوماً من تموز وآب وأيلول، يضاف إليها العطل غير الرسمية، التي تبدأ مطلع كلّ عام ومدتها عشرة أيام وتُسمّى عطلاً، إلا أنها في الحقيقة جلسات يتمّ خلالها تنسيب الدعاوى لتأخذ أرقاماً جديدة، منوهاً بنقطة أخرى مهمّة تتعلق بقصر ساعات العمل خلال الأيام العادية، والتي يفترض أن تبدأ من الساعة 8 ونصف ولغاية الثالثة ظهراً، غير أن ما يجري على أرض الواقع مختلف كلياً، كون بعض القضاة لا يصل إلى عمله إلا في وقت متأخر (حيث يبدأ عملهم بعد العاشرة صباحاً ليغادروا باكراً حوالي الثانية ظهراً)، وبحسبة بسيطة يكون مجموع ساعات عملهم اليومي لا يتجاوز أربع ساعات فقط، وهي مدة زمنية لا تكفي ولا تعتبر عمل يومٍ كامل، ما يؤثر أيضاً على عملية التقاضي.
ويضيف اليوسفي بأن العلّة في تأخير التقاضي ترجع للكمّ المتزايد في عدد القضايا تبعاً لازدياد عدد السكان ومشكلاتهم، منوهاً بما قام به وزير العدل عند التوسّع بشكل ملحوظ في جهاز القضاء، وإحداث الكثير من المحاكم وتعيين القضاة سعياً منه لمعالجة مشكلة طول أمد التقاضي، مشيراً إلى أن التوسع في كوادر القضاء كمّاً ونوعاً ليس بالأمر اليسير أبداً ولا يعرف معاناته إلا من يكابده، ليكون الحلّ برأيه التزام الموظفين والقضاة بالدوام الرسمي لمحاولة تغطية النقص وسرعة ودفع عملية التقاضي.
وأشار اليوسفي في ختام حديثه إلى أن العطل القضائية تتناول جلسات المحاكمة، وبالتالي فإن الدوام الرسمي يستمر في المؤسسات القضائية والمحاكم، ما يتيح المجال أمام أي شخص يرغب بالتقدم بادّعاء ضمن تلك العطل التي تصادف مطلع كل شهر من “تموز وآب وأيلول”، موضحاً أن جلسات المحاكمة تعطل في العطل القضائية، وليس معاملات التحقيق أو الإجراءات القضائية الأخرى.