تحقيقاتصحيفة البعث

في طرطوس.. إهمال الطرق الحراجية وقدم معدات الإطفاء يهدد بنشوب الحرائق وصعوبة السيطرة عليها!

دارين حسن

تلتهم الحرائق كلّ عام مساحات شاسعة من الغطاء النباتي في الحراج البرية والغابات المحمية وأراضي المزارعين، يحدث ذلك في ظلّ الإهمال بشق الطرق الحراجية والزراعية، وعدم التشدّد بمراقبة ومعاقبة تجار الحطب ومراقبي الحراج غير المبالين، وعدم وضع “ساتر” من نبات الصبار بين الحراج وأراضي المزارعين القريبة، إضافة إلى عدم تخصيص سيارات إطفاء كافية وحديثة وعمال للقيام بالمهمّة، قبل انتشار الحرائق وتمدّدها للحدّ من الأضرار البيئية الجسيمة والخسائر الفادحة التي تحتاج لسنوات عديدة حتى تعود غاباتنا وبساتيننا خضراء كما كانت.

تجارة الحطب

الوقائع أثبتت أن العديد من ضعاف النفوس يلجؤون إلى افتعال الحرائق في أحراج الدولة بغرض الإتجار بالأحطاب وتفحيم الأخشاب، ناهيك عن إطفاء الحرائق بالطرق البدائية، حسب بعض المهندسين الزراعيين الذين أكدوا ضرورة وأهمية وجود طيران مخصّص للحرائق بما يحدّ من انتشار النار وتضرّر مئات بل آلاف الدونمات!.

ولا نغفل إهمال بعض المزارعين في تنظيف أراضيهم والقيام بأعمال القش والتنظيف، بما يضمن سلامة محاصيلهم ومزروعاتهم وأشجارهم وأراضيهم، ويحدّ من انتشار الحرائق التي تستنزف البيئة والاقتصاد الوطني.

في وضح النهار

المزارعون من أبناء المنطقة أشاروا إلى قدم بعض آليات الإطفاء، فبعضها عمره أكثر من سبعين عاماً، إضافة إلى عدم توفر الوقود الكافي لزوم قطع الأشجار المحترقة ونقلها وبيعها، حيث تترك بأرضها مما يزيد من خطورة اندلاع الحرائق، كما في حراج بيت زينة بقرية جبل حمد في ريف منطقة الدريكيش الذي تعرّض لحريق كبير، وما زالت عشرات الأطنان من أشجاره في أرض الحرج دون أن تنقل أو ترحّل، لافتين إلى أن أحراجاً أُبيدت في وضح النهار من خلال تعرّضها للتقطيع والتفحيم، إذ أن صوت مناشير الخشب يعلو في وضح النهار دون حسيب أو رقيب كما في حرجي العوينات والشيحان، وأمام تلك المخالفات يقبض مراقب الحراج “المعلوم” وتنتهي الأمور بوقتها، مطالبين بتطبيق القانون على الصغير والكبير، لا أن يُكتب ضبط بحقّ مزارع يقطع شجرة من أرضه ليدفئ عليها عائلته في عز البرد القارس ويُترك تاجر الأخشاب “يسرح ويمرح على هواه” دون حساب وعقاب!!.

كما استهجن بعض المهندسين الزراعين وجود إطفائية واحدة في غابة النبي متى، علماً أن مساحتها كبيرة، ما يحول دون السرعة بإخماد الحرائق التي تتمدّد وتلحق الضرر بمساحات كبيرة، مشيرين إلى ترك بعض عمال الحراج لوظائفهم نتيجة ضآلة الرواتب.

محمية الشعرة 

رئيسُ دائرة الحراج في مديرية زراعة طرطوس الدكتور فادي ديوب، أوضح أن مساحة الحراج في محافظة طرطوس تبلغ 31206 هكتار، وتتركز في منطقة القدموس متمثلة في محمية الشعرة بمساحة تُقدّر بـ1000 هكتار، وتتمّ حمايتها عبر تواجد مركز إطفاء في  القدموس يضمّ ثلاثة صهاريج إطفاء، مبيناً أن موسم الحرائق يبدأ بتاريخ الأول من الشهر الخامس وينتهي مع بداية موسم الأمطار، حيث بلغ عدد الحرائق الحراجية منذ بداية الموسم لتاريخه خمسة حرائق، في حين بلغ عدد الحرائق الزراعية أربعين حريقاً.

ترميم وتعاون

وحول إجراءات مكافحة الحرائق، أوضح ديوب أنها تتمثل في ترميم الطرق الحراجية وخطوط النار، ومراسلة الجهات المعنية لتنظيف مسار الطرق العامة، وتحت شبكات التوتر الكهربائي، وتوزيع صهاريج الإطفاء لدى المديرية على المواقع الحراجية وحسب أهمية كلّ موقع، مشيراً إلى أن عدد الصهاريج حالياً يبلغ /19/ صهريجاً، منوهاً بوجود تعاون مع الجهات المعنية من خلال التنسيق مع فوج الإطفاء والدفاع المدني في حال نشوب أي حريق، وقال: تمّ مناقشة خطة الحرائق وإقرارها بعد الاجتماع مع السيد المحافظ والجهات المعنية، لافتاً أيضاً إلى ضرورة اتصال المواطنين على الرقم المجاني ١٨٨ المخصّص للإبلاغ الفوري عن أي حريق في حال نشوبه والالتزام بمعايير السلامة وتعليمات السياحة البيئية المذكورة في قانون الحراج عند القيام بأي نشاطات ضمن الغابات الحراجية.

صعوبات العمل

وعرض رئيس دائرة الحراج صعوبات العمل المتمثلة بالطبيعة الجغرافية للمناطق الحراجية، وعدم توفر طرق زراعية في العقارات الزراعية القريبة من المواقع الحراجية، مقترحاً توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على الغابات من خلال عقد الندوات عبر وسائل الإعلام، وتنظيف الأراضي الزراعية من الحشائش والأعشاب اليابسة وحرق المخلفات الزراعية بعيداً عن المواقع الحراجية، وعدم رمي السجائر عند جوانب الطرقات، والإبلاغ الفوري عن أي حريق.

جهوزية فوج الإطفاء

من جهته أكد قائد فوج إطفاء طرطوس العقيد سمير شما جهوزية عناصر الفوج على مدار الساعة وبشكل دائم صيفاً وشتاءً، وهو مستكمل بكافة العتاد والمعدات، مبيناً أنه يتمّ دائماً افتتاح مراكز إطفاء جديدة في فصل الصيف في المناطق التي يحتمل حدوث حرائق بها، حيث تمّ مؤخراً افتتاح أربعة مراكز، إضافة إلى المراكز الثابتة المتواجدة في أنحاء المحافظة، كما يتمّ رفع جاهزية الفوج إلى أقصى درجة، ويقتصر غياب العناصر على الإجازات المرضية والحالات الاضطرارية، في حين تبقى باقي العناصر تحت الطلب لحين الحاجة إليهم في أي لحظة.

أسباب الحرائق

وعزا العقيد شما أسباب حدوث الحرائق إلى عدة عوامل، منها حدوث شرارة كهربائية من أسلاك الكهرباء وسقوطها على الأراضي، أو من خلال الرحلات التي يقوم بها المواطنون، إذ يقومون بإشعال النيران في أماكن تواجدهم، كما قد تحدث الحرائق في أراضي المزارعين نتيجة قيامهم بإشعال النيران لتنظيف أرضيهم من الأعشاب اليابسة وتخرج الأمور عن السيطرة ما يؤدي إلى اشتعال أرضهم والأراضي المجاورة.

إحصائية..

بلغ عدد الحرائق لتاريخه ٣١٦ حريقاً على مستوى المحافظة، وبحسب قائد فوج الإطفاء، دائماً هناك توجيه للمواطنين بالتخلّص من الأعشاب اليابسة من الأراضي وعدم اللجوء إلى إشعال النيران حفاظاً على الممتلكات، مع التأكيد عليهم بالاتصال الفوري على الرقم المجاني لفوج الإطفاء ١١٣ على أن يقوم المتصل بإعطاء المعلومات الدقيقة عن عنوان الحريق وأقصر طريق، وأن يكون بانتظار سيارة الإطفاء عند أقرب نقطة لمساعدة العناصر في الدخول إلى الموقع، لافتاً إلى أن عدم توفر طرق زراعية يتطلّب جهداً كبيراً من العناصر مقابل اتساع رقعة المساحة المحروقة!.