كرتنا تواصل حصد الفشل في عهد اتحادات هاوية.. والحل بالإقالة والمحاسبة
لم تعد الخسارات التي أصبحت ملازمة لكرتنا هي الهمّ الوحيد فيها، لأن الخسارة في الرياضة واردة مثل الفوز والتعادل، لكن أن تتحوّل هذه الخسارة لمهزلة الخروج من التصفيات أمام منتخب كوريا الديمقراطية المصنّف 114 عالمياً، فهذا الأمر أكد أن كل شيء خاطئ منذ البداية.
كرتنا منذ زمن بعيد أصبحت هرمة يقودها إدارياً أشخاصٌ هرموا وتناوبوا على الفشل ليتمّ استقدام مدرّب لا يملك في سجله التدريبي أي إنجاز قاري أو على مستوى الأندية، على الرغم من أنه درّب أندية ومنتخبات قوية، فكلّ مباراة يلعب بتشكيلة جديدة وبلاعبين جدد ينعدم فيها الانسجام والاستقرار، وليصبح منتخب نسور قاسيون حقلاً للتجارب، واليوم بات هذا الاتحاد الهرم الذي أوصل كرتنا إلى مرحلة الشيخوخة ليس بالعمر بل بالتفكير والنوايا أن ينتظر المحاسبة قبل الرحيل والإقالة.
بعض كوادرنا التدريبية المهاجرة والمحلية أدلت برأيها لتعبّر عن آمال الجماهير السورية التي خاب أملها عن سابق إصرار وتعمّد فلنتابع هذه الآراء.
المدرّب رافع خليل الذي يعمل في هولندا أكد أن الذي حصل مع منتخبنا في مباراته مع كوريا وقبلها مع ميانمار مخزٍ، ولا يمكن لأي محبّ لكرة القدم أن يتجاهله، خاصة وأن كرتنا استقطبت ولأول مرة كوكبة من المغتربين السوريين الذين ينشطون في الدوريات الأوروبية والأمريكية وعلى رأسها الأرجنتين، ولتأتي الضربة التي قصمت ظهرها من المنتخب الياباني بنسخة مكررة من مباراة الذهاب بخماسية نظيفة التي كانت مؤكدة للخروج من التصفيات المزدوجة، مما يعني الذهاب لتصفيات أخرى للتأهل لكأس آسيا، مبيناً أن على الاتحاد الكروي أن يستعدّ للرحيل لأنه عاش في أحلام اليقظة والتصريحات الرنانة ووضع الجماهير السورية في أحلام كبيرة لن تتحقق في ظلّ الخلل الكبير في إدارة الكرة السورية. وتمنّى خليل أن تتمّ المحاسبة من أعلى المستويات لمن تقاعس عن أداء واجبه للكبير قبل الصغير، فسمعة منتخب الوطن أغلى من تحالفاتهم وأحلامهم الشخصية.
أما نجم الكرة السورية والوثبة في ثمانينيات القرن الماضي الكابتن عبد الحليم بيريني، فقد بيّن أنه عندما يتولّى شؤون وإدارة كرة القدم أهلها المختصون، وعندما يتبع الدورات التدريبية في الأندية لاعبوها المبدعون والدوليون منهم، وعندما تدعم اللعبة من أشخاص حباً بكرة القدم والنادي وليس الجري وراء الشهرة وتحقيق مكاسب معنوية وغيرها، وعندما نرى الملاعب خضراء وليست صفراء ومرافقها لامعة وليست دامعة، ستكون كرة القدم السورية بخير، وهذا يعني بناء كرة قدم من الصفر إدارياً وفنياً وخططياً.
ورفض البيريني التحدث عن الهزيمة أمام كوريا المصنّفة عالمياً 114 والتعادل الكارثي مع ميانمار التي لن تخضع لأي تصنيف، ولا عن تلقي مرمى المنتخب عشرة أهداف من منتخب اليابان مناصفة بين مباراتي الذهاب والإياب، لأن الكلام لا معنى له بوجود القائمين على فشل الكرة السورية بدون محاسبة لأن الإقالة لا تكفي.
من جهته، الإعلامي المتخصّص بكرة القدم زياد زين العابدين يرى أن الحلّ الناجع حلّ اتحاد كرة القدم وتشكيل لجنة مؤقتة بأسماء جديدة مع إهمال الأسماء التي أبرمت اتفاقاً مع الفشل ولتصبح من الماضي، وبيّن زين العابدين أن الانتخابات الكروية ليس بالضرورة أن تفرز أسماء يمكن أن تفيد لأن من نجح سابقاً فيها كان بالمال و”تطبيقات” ما قبل الانتخابات، واعتبر أن الخسارات المتلاحقة للمنتخب كانت بسبب وجود أشخاص لا يستطيعون التفكير إلا بمصالحهم وسياحتهم وضربوا بعرض الحائط بكلّ أحلام وآمال الجماهير السورية.
واعتبر المدرّب العامل في هولندا يعقوب مقسي أن عدم الاستقرار الفني والإداري للكرة السورية هو سبب كافٍ للفشل في الاستحقاقات الدولية، مؤكداً أن المنتخب الحالي، وعلى الرغم من أنه يضمّ كوكبة من المغتربين الجيدين، إلا أنه وقع في مطب عدم الانسجام، ففي كل مباراة تشكيلة جديدة واستدعاء لاعبين جدد، ما حوّل المنتخب إلى حقل تجارب.
وأوضح مقسي أن الدوري السوري هو أسوأ دوري بالعالم، حيث يفتقد إلى ألف باء كرة القدم، فما الفائدة من دوري لا ينتج لاعبين جيدين للمنتخب الوطني؟ فكل المشاركات الخارجية مخيّبة للآمال. وناشد مقسي كلّ المعنيين بأن يبحثوا عن حلول لانتشال الكرة السورية من مستنقع الفشل وكفى ضحكاً على الجماهير السورية، فمن لا يصلح لقيادة الكرة عليه أن يفسح المجال لمن هو أفضل منه.
وكشف مقسي، الذي يشغل منصب عضو لجنة اللاعبين المغتربين، أن النجم العالمي محمود داهود لم يضع أية شروط – كما أوحى اتحاد الكرة – فهو طالب بأن تكون الحصص التدريبية احترافية وليست ساذجة، حتى أن ابتعاد اللاعب أيهم أوسو لم يكن بسبب الإصابة، مبيناً أن التعامل مع كل اللاعبين غير احترافي والأجواء لم تكن احترافية، فالمنتخب أضحى مكاناً للصراعات والمحسوبيات وهو يمرّ بأسوأ مرحلة إدارية بتاريخه.
المدرّب حسان إبراهيم، من نادي الوثبة، أكد أن في ظل عدم وجود دوري قوي وملاعب تصلح لكرة القدم لا يمكن أن تقدّم منتخباً قوياً، مبيّناً أنه يجب إعادة الهيبة للدوري من خلال إعادة الهيكلية الصحيحة بعودة دوري متكامل “ناشئين وشباب ورجال”، والاعتماد على الفئات العمرية بالاهتمام والبناء الصحيح لها، معتبراً أن قدوم اللاعبين المغتربين للمنتخب حالة صحية، لكنهم لم يستطيعوا أن يشكلوا الفارق، لافتاً إلى أن الاحتراف كان فوضوياً باعتماده على المال، فالمال وحده لا يمكن أن يفرز احترافاً صحيحاً، حتى أن تصنيف الكرة السورية الداخلي لا يمكن أن يواكب التصنيف العالمي، معتبراً أن الخسارات المتتالية للمنتخب حالة طبيعية لفشل الكرة السورية وتبرير هذا الفشل هو للهروب من الحقيقة الساطعة، والحلّ بإقالة اتحاد الكرة الحالي وبناء كرة قدم صحيحة من الكوادر الشابة نظيفة اليد وما أكثرها!!