مصالح المستوردين عرقلت زراعة الصويا.. فهل يعيدها تدهور قطاع الدواجن؟
دمشق- ريم ربيع
مع بداية موسم زراعة فول الصويا، يعاود بعض العاملين والمختصين في القطاع الزراعي دعوتهم لإنعاش زراعة هذا المحصول الأساسي في تأمين أعلاف الدواجن، بعد انقطاع طويل تعدّدت أسبابه بين الحرب وأسعار الشراء، وغياب التسويق، وعدم تشجيعه من قبل مؤسّسة الأعلاف ووزارة الزراعة، حسب توصيف البعض، إذ لاقى كثيرون في النجاح النسبي لتجربة زراعة الذرة محلياً، وتأمينها لقطاع الدواجن بدلاً عن استيرادها، حافزاً لطرح زراعة الصويا مجدداً، ولاسيما مع ما تشكّله أسعار استيرادها من عبءٍ إضافي على مربي الدواجن، وعلى المستهلكين الذين باتوا غير قادرين على شراء الفروج والبيض. المشكلة تتعلّق بالتسويق وليس بزراعة المحصول بحدّ ذاته -وفقاً للخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة-، فللفلاحين الخبرة الكافية بالزراعة دون أية مشكلة، وهو ليس من المحاصيل المتطلبة، لكن توقف زراعة الصويا يتعلّق بشكل أساسي بغياب الحافز التسويقي والأسعار المشجعة للشراء، موضحاً أن زراعة الصويا بدأت بمنتصف الثمانينات بمبادرات فردية، لأن وزارة الزراعة لم تنجح حينها بتأمين البذار، ونجحت التجربة وتوسّعت وحققت إنتاجاً تجاوز متوسط الإنتاج العالمي بالكثير من الحقول، واشترته مؤسسة الأعلاف من الفلاحين، لكن في ذلك الوقت لم يكن هناك مصانع لعصر البذار، وفشلت محاولات إرسالها للخارج، فتوقفت مؤسسة الأعلاف عن الشراء، وبالتالي توقفت الزراعة. بعدها بأعوام -أضاف قرنفلة- تمّ تأسيس عدة مصانع لكنها اعتمدت على استيراد البذار وعصرها، ويبدو أن الاستيراد يوفر هامش ربحٍ أكبر، فلم يذهب أصحاب المصانع لتشجيع السوق المحلية والزراعة، واستمروا بارتكازهم على الاستيراد، إذ ظهرت عدة محاولات للزراعة بمساحات صغيرة لكنها اصطدمت بصعوبات التسويق لأن من يستورد لا مصلحة له بالزراعة المحلية.
قرنفلة أكد أن هذا المحصول استراتيجي لقطاع الدواجن، لأن الدواجن التجارية الحالية، والتي يتمّ استيرادها هي تركيبات وراثية مجمعة مصمّمة للتغذي على الذرة والصويا، وأي تبديل بهذه المكونات يؤثر على القطعان ويعطي نتائج سلبية، موضحاً أن الفلاح بحاجة تسويق وشراء المحصول بسعر مجزٍ فقط لا غير، فإن شجعت مؤسسة الأعلاف الفلاحين واشترت محصولهم وتعاقدت مع المصانع المحلية تحلّ أزمة الأعلاف إلى حدّ كبير.
ورأى قرنفلة أن تجربة زراعة الذرة كانت جيدة نسبياً، وتمّ شراء كميات كبيرة جداً من قبل مربي الدواجن، لكنها تعثرت بسبب غياب المجففات، فالدفعات الأولى كانت ممتازة وتنافس المستورد، لكن الدفعات المتأخرة كانت نسبة رطوبتها عالية وتمّ رفض كميات كبيرة منها، معتبراً أن الذرة والصويا يعدّان من محاصيل الأمن الغذائي لدورهما في تخفيض سعر الدواجن. حالياً، يتمّ استيراد الذرة الأجنبية بسعر 4.8 ملايين ليرة للطن، و4.6 ملايين للذرة المحلية، أما الصويا فهي تستورد بـ11 مليوناً للطن، علماً أن أسعار مؤسسة الأعلاف أغلى حالياً من السوق، حيث يباع طن الصويا بـ11.2 مليوناً، والذرة بـ5.2 ملايين ليرة.
الخبير التنموي أكرم عفيف أوضح أن زراعة فول الصويا توقفت لعدة أسباب، منها نوعية البذار قليلة الإنتاجية، وسياسة التسعير، وتكاليف الإنتاج الزراعي، متسائلاً: هل التزمت مؤسسة الأعلاف بشراء المحاصيل العلفية؟ وهل تمّ شراء الذرة بسعر مجزٍ؟ فالتاجر قام بتسعير المحصول وفقاً لمصالحه عند بداية الموسم، وهناك فلاحون لم يبيعوا الذرة من العام الماضي، داعياً للعمل على تشجيع المنتجات العلفية وخاصة الصويا والذرة، لأن تضاعف أسعارها أثر على الإنتاج الحيواني بشكل كبير. وبيّن عفيف أن الكثير من الأراضي اليوم شاغرة نتيجة خسائر الفلاحين في المحاصيل، فبغياب التمويل الصحيح والتسويق للإنتاج الزراعي ستبقى المشكلة قائمة دون حلّ.