دراساتصحيفة البعث

هل سيحاسب منتهكو حقوق الأطفال في الحرب

ستعقد الأمم المتحدة هذا الأسبوع، مناقشة مفتوحة حول الانتهاكات التي يتعرّض لها الأطفال في زمن الحرب، ورغم أن هذا الموضوع يبدو واضحاً من الناحية الأخلاقية، فمن المؤكد أن المناقشة ستكون مثيرة للجدل.

فعلى الرغم من وضع التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال والصراع المسلح، المزيد من المجموعات كجناة موثقين لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال، وذلك من خلال توثيقٍ لما يقرب من 33 ألف حادثة، شملت قتلاً  وتجويعاً، وتشويهاً، واختطافاً للأطفال، وتجنيدهم كجنود في أكثر من عشرين منطقة حرب، فهل ستحاسب كل الأطراف المذكورة.

كان التقرير السنوي للأمين العام وقائمة مرتكبي الجرائم المرفقة به، أو ما يسمّى “قائمة العار”، بمنزلة أداة فريدة وفعّالة إلى حدّ كبير لتحديد الجناة والضغط عليهم لإنهاء الانتهاكات وحماية الأطفال في أوقات الحرب، لكن تأثير التقرير وصدقيّته  يعتمدان على تطبيق المعايير نفسها على كل الأطراف في جميع النزاعات المسلحة، وضرورة تجنّب خضوع حماية الأطفال من الحرب لاعتبارات سياسية. ومع ذلك، في مناقشة هذا الأسبوع، من المؤكد أن الجناة وحلفاءهم سيختلفون حول إدراج الأطراف التي ألحقت الأذى بالأطفال أو أودت بحياتهم في الحرب.

من المؤكد اليوم أن الوضع العالمي الراهن للأطفال في الصراعات أصبح أكثر خطورة من أي وقت مضى، فقد أفاد الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً أن نسبة الأطفال الذين لقوا حتفهم عام 2023 تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بعام 2022، مضيفاً: إن 40% من المجازر التي تودي بحياة الأطفال تحدث في غزة.

وثّقت المنظمات الرائدة في مجال حماية الأطفال، أن 468 مليون طفل، يعيشون في مناطق متأثرة بالنزاعات المسلحة، لذا يرى مراقبون أنه يتعيّن على الأطراف المشاركة في النزاع المسلح احترام القانون الدولي وضمان احترامه، ولا سيما القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ما يعني عدم تجنيد الأطفال، وعدم تعريضهم للعنف الجنسي والتعذيب، وعدم قصف المستشفيات أو المدارس، وعدم خلق مجاعة.

ولا تتكوّن هذه الأطر من مجرّد مبادئ توجيهية، بل من التزامات ملزمة وقعتها الدول بهدف حماية الأفراد المتأثرين بالنزاعات المسلحة، بما في ذلك الأطفال. ولا ينبغي التسامح مع انتهاكات القانون الدولي من جانب الدول الأخرى، ولا من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا من جانب المواطنين الذين يعيشون في البلدان الأطراف في هذه القوانين.

فضلاً عن ذلك، يرى المحللون أنه لابد من تعزيز جهود المساءلة، التي تشمل الجهود السياسية والمالية على المستويين المحلي والدولي، فقد تم رفع قضايا تتعلق بالولاية القضائية العالمية بشأن جرائم حرب في بلدان ثالثة، ولكن كان لذلك تأثير محدود في الجرائم المرتكبة ضد الأطفال.

من المؤكد، أن عدم محاسبة الدول والجماعات المسلحة، يشير إلى أنه لا يوجد أحد في مأمن، وأن الاتفاقيات التي أُبرمت في المحافل العالمية مثل الأمم المتحدة لن تحمي أي شخص، وخاصة الأكثر ضعفاً.

تحتاج معالجة المشكلات التي يواجهها الأطفال في الحرب إلى اتباع نهج شامل يدمج حماية الطفل في جميع الجهود الإنسانية والإنمائية، كما ينبغي لمجتمع المساعدات الدولي أن يأخذ في الاعتبار تأثير عمله في الأطفال أولاً، وأن يتعاون عبر التخصصات لتبني استراتيجيات تلبّي احتياجات الأطفال، إذ يمكن لهذه المنظمات إيجاد حلول أكثر فعالية واستدامة، تمكّن المزيد من الأطفال من البقاء على قيد الحياة في الحرب.

دراسات