الملتقيات الثقافية الأهلية.. حضور مهم لكنها تحتاج إلى وضع معايير
السويداء- رفعت الديك
ينشط في محافظة السويداء عدد من الملتقيات الثقافية لنشر الجمال الفني والأدبي، ما يشكّل فرصة للتخلّص من سطوة الشكل السائد والمكرّر للثقافة الرسمية كما يقول البعض.
وتتمحور نشاطات هذه الملتقيات حول مشاريع ثقافية متنوعة ومبادرات فردية إبداعية يعمل أصحابها على تطوير أفكارهم ومشاريعهم وتحويلها إلى بنى مؤسساتية قابلة للاستمرار بشكل مستقل.
يقول الكاتب والصحفي سمير فليحان وهو أحد مؤسّسي “ملتقى القصة القصيرة” في المدينة إن الدافع الحقيقي لإقامة هذه الفعاليات هو آلية عمل المنابر الرسمية، متسائلاً: “لماذا يجب أن تكون الملتقيات الثقافية رسمية فقط؟ ثم ما الذي دعا إلى نشوء الملتقيات غير الرسمية والتي هي أهلية أو شعبية، في الحقيقة أن الأمر يتعلق أساساً بآلية عمل المنابر الثقافية الرسمية كالمراكز الثقافية، فالفوقية مرض يتجلّى في انتظار أن يتقدّم المثقف لطلب فعالية وانتظاره ليعالج الطلب في طرق روتينية، ألا يفترض أن يكون المثقف والمبدع مسؤولاً عن محتواه ويتحمّل تبعاته، ثم لماذا لا تعيد وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب النظر في أسلوب عملهما ويعملان على الإجابة عن سؤال كبير وهو ما الذي يجعل الجمهور يحجم عن ارتيادها إلا أقارب صاحب الفعالية وأصدقائه والمتخصّصين بما سيقدم وعلى استحياء؟”.
ويضيف فليحان: “في المقلب الآخر، تتجاوز المنتديات الأهلية كل هذه العقبات، وعلى سبيل المثال “مهرجان السويداء للأفلام القصيرة” والذي وصل إلى الدورة الثامنة بانتظام، وحقق حضوراً عربياً مميزاً، أسسه مجموعة من الأصدقاء المهتمين والمتخصصين وتعاونت معهم المؤسسة العامة للسينما، ويسير بسلاسة، يسانده مادياً بعض المتحمسين بمبادرات لوجستية كتأمين المنامة والمأكل والمشرب للضيوف، بالإضافة إلى التصوير والترويج، ويستقطب جمهوراً واسعاً تغصّ به مسارح المؤسسات الرسمية ذاتها، فتعالوا لنحسبها، لو قرّرت مؤسسة رسمية القيام بهذا المهرجان، كم من اللجان ستشكل؟ وكم سترصد له ميزانية؟، ولك أن تعدّد بقية العراقيل الروتينية.. الموضوع برأيي يحتاج إلى تشجيع المنابر الأهلية، والتعاون معها، وإن فكرنا بتطوير منابر المؤسسات الرسمية فالأمر يحتاج إلى ورشة عمل يُدعى إليها خبراء رسميون وغير رسميين، على أن تتسم المحاور والحوارات بالصراحة والشفافية للخروج بتوصيات صحيحة وصادقة وقابلة للتطبيق”.
ويشير فليحان إلى نقطة مهمّة في هذه الملتقيات، بالقول: “تحقق هذه الملتقيات حضوراً ملفتاً بالمقارنة مع المؤسسات الرسمية، لكن وللحديث بنظرة فاحصة يعيبها -وإن كان بنسبة غير مخيفة- إفساح المجال لكل من يطلب الوقوف على المنبر، وهذا ما يسبّب بعض التململ، فحتى هذه الملتقيات أرى من الأهمية بمكان وضع معايير ومحددات فكرية وأدبية وفنية، ولا بأس من مراقبتها بشيء من الليونة، وتوجيه الملاحظات إليها والحوار مع مؤسّسيها للوصول إلى قواسم مشتركة تحقق الأهداف منها، دون المساس بالثوابت الوطنية والفكرية، وأن يتحمّل صاحب الفعالية تبعية التجاوزات من دون عرقلة عمل الجهة برمتها.
بدوره، يقول الباحث أكرم رافع مؤسس “ملتقى آرام الفني” إن الثقافة لها دور مهمّ في حياة الإنسان والنشاط الثقافي الذي يكون من قِبَل الجماعات أو أي عمل جمعي الذي يبلغ عدد أفراده أكثر من ثلاثة يصبح عمل مؤسسات، وتالياً هذا العمل يجب أن يأخذ الطابع الرسمي عبر التشاركية بين المجتمع المحلي أو الأهلي والحكومة بحيث يكون المجتمع الأهلي هو الداعم للحراك الثقافي الحكومي، فالثقافة هي العنصر الأساس والواعي الأهم للتطور والتقدم والحضارة بالبلاد لذلك تحتاج إلى عمق من المعرفة فبعض المنتديات الثقافية والجهود الفردية الشخصية اجتمعت وأسّست منتديات تمارس نشاطها في المجتمع لكن بشكل مبعثر، ولذلك قامت وزارة الثقافة في عام ٢٠١٩ بإصدار قرار ترخيص هذه المنتديات والملتقيات الثقافية، لتنظيم عمل النشاط الأهلي الذي تقوم به الجمعيات غير الحكومية ليكون بإشراف الحكومة، لذلك يصبح العمل رسمياً، أما بقية الأعمال فهي أعمال فردية الواجب تنميتها ودعمها من قبل الجهات المعنية في ظلّ وجود معوقات كثيرة تعيق هذا العمل الإبداعي، وأهمها المعوق المادي فمعظم المبادرات التي تأسّست تعاني قلةً في الموارد المالية التي تجعل العمل الثقافي يأخذ صفة الديمومة، وهنا يجب على الاقتصاد دعم الثقافة، انطلاقاً من دور الثقافة في تطور المجتمع وانعكاس هذا التطور على الواقع الاقتصادي.
ويبيّن رافع أنه يوجد في السويداء الكثير من المنتديات والملتقيات التي تمارس دورها الفكري والثقافي، ومنها “ملتقى آرام للثقافة والفنون”، وكان ترتيبه الثالث في الجمهورية العربية السورية مركزه السويداء ويحمل فروعاً في كل محافظات القطر، ومن أهم شروط الملتقى يجب أن يكون جميع أعضائه مؤسسين أو يحملون إجازات وبالوقت ذاته يجب أن يكونوا أعضاء يشهد لهم بالكفاءة والمعرفة في العمل الثقافي، وهنا لا بدّ من توجيه الشّكر إلى مديرية الثقافة في السويداء التي لاتزال تقوم بعملها بحسب الإمكانيات والظروف، لكن هناك الكثير من الأفكار غير مؤسسة بشكل صحيح لرفعة العمل الثقافي وتقدمه، لذلك نحتاج إلى خبراء ومختصين ونحتاج إلى دعم مالي”.