عودة إلى مسلسل الدعم!
غسان فطوم
بعد أخذ وردّ استمر حوالي خمس سنوات، يبدو أن الحكومة اقتنعت وقرّرت اعتماد الدعم النقدي بدلاً من السلعي، ولأجل ذلك طلبت من المواطنين المبادرة إلى فتح حسابات مصرفية، تمهيداً لتحويل مبالغ الدعم إليها.
مبدئياً لاقى هذا التوجّه فور إعلانه استحساناً في الشارع السوري، إذ يعوّل عليه تحقيق العدالة والحدّ من الفساد والهدر في المواد والأموال التي كانت تذهب لمن لا يستحقها، وفي الوقت ذاته ثمّة حالة من القلق بدت واضحة من خلال رصد تفاعلات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يمكن اختصارها بسؤال: هل تمّ بالفعل دراسة الخطوة جيداً بكل تفاصيلها بالاعتماد على “قاعدة معلوماتية متكاملة وقاعدة معطيات دقيقة” تجنّبنا الغرق في مطبات المشاكل التي قد توقف المشروع وتجعلنا نعود إلى نقطة الصفر؟!
خبراء الاقتصاد والإدارة يرون أنه كان من الأفضل الكشف أولاً عن معايير الدعم، متسائلين: هل ستتغيّر؟ أم ستبقى على حالها؟ وما هي شروطه وآلية توزيعه؟ وكيف سيتمّ تحديد قيمة البدل النقدي؟ وهل ستبقى ثابتة أم ستتغيّر مع تغيرات سعر الصرف الرسمي وارتفاع الأسعار؟ ومن أين سيتمّ تمويل الدعم؟ وماذا عن شريحة المستبعدين أو غير المستفيدين من الدعم؟ وهل البنية التحتية للمصارف جاهزة لذلك، وخاصة ما يتعلق بمدى جاهزية المنظومة المصرفية، ونحن نرى منظر الطوابير المؤلم الذي يبقى لساعات متأخرة في فترة صرف الرواتب والأجور؟!
أسئلة تحتاج إلى إجابات مقنعة، حبذا لو تتمّ على شكل بيان توضيحي لاحق يزيل كل الإبهام والغموض والخوف أيضاً، فالناس بات لديها قلق لم يعد مخفياً فيما يتعلق بخصخصة الاقتصاد والخدمات، بعد أن كانت تشعر بالأمان تحت مظلة القطاع العام.