رياضةصحيفة البعث

في كرة القدم.. مشاكل وعثرات تحتاج إلى العلاج السريع

ناصر النجار
مع كل إخفاق كروي نجد الكثير من الصيادين الذين يتربصون بكرتنا السوء، ونلاحظ ان العاطفة تسوق جماهيرنا إلى أماكن بعيدة، وأسهل شيء يمكن ان نطالب به ونكتبه هو إقالة اتحاد كرة القدم، وهذا ما يفعله البعض وبدأ يجيّش له كل وسائل التواصل الاجتماعي، بل إن الكثير من المنصات باتت تعقد الندوات والحوارات وتفند الأخطاء وإلى ما هنالك من مساجلات.
الحقيقة أن مصالح البعض التي انتهكت في هذه الفترة جعل أصحابها يبحثون عن تصفية حساباتها الشخصية، والجميع افتقد الحكمة والهدوء في توصيف الامر وتحديد مكامن الخطأ وأسبابه وسبل علاجه.
نحن لسنا مع هؤلاء ولا ننتمي إلى أولئك، ونأمل أن تكون نظرتنا واقعية فيها الكثير من الأناة والحكمة، فالتعامل مع كل حالة بردة الفعل لا يمكن أن توصل إلى الغاية والهدف، وهذا ما حدث لنا في المحطات الماضية، وعلى الدوام كان الجميع ينتظر اتحاد كرة القدم على الأخطاء دون أن يبحث عن الداء وأسباب الأخطاء، لذلك كان الحل الأسهل هو التغيير، وإبعاد الأشخاص عن مسيرة العمل، ليأتي أشخاص جدد يقعون بأخطاء مماثلة أو أخطاء جديدة، وهكذا دواليك.
وإذا عدنا أكثر من خمسة عشر عاماً إلى الوراء لم نجد أي اتحاد كرة قدم أتم دورته، ولم تعط أي اتحاد الفرصة الكاملة من خلال دورة كاملة لنرى صنيعه، والمشكلة الأكبر من الأخطاء المرتكبة أن كل اتحاد جديد ينسف عمل من سبقه ويبدأ من الصفر، وهذه أهم عقدة تقف في وجه التطور والنمو والبناء.
سابقاً تمت إقالة اتحاد احمد جبّان لأسباب يعرفها الجميع ولا يوجد مناسبة للتطرق إليها مرة اخرى، ثم أقيل اتحاد فاروق سرية لخطأ إداري ارتكبه أحدهم فورط كرتنا ودفع الثمن اتحاد كرة القدم، ثم تمت إقالة اتحاد صلاح رمضان لأنه اجتهد بقضية ليست من اختصاصه، وأراد منفعة كرتنا بعقد لكنه كان في الوقت غير المناسب، ثم أقيل اتحاد فادي دباس لقصة لا علاقة لكرة القدم فيها وتخص دباس وحده، ودفع الاتحاد وأعضاءه ضريبة ذلك باهظة الثمن، ثم أقيل اتحاد حاتم الغايب لافتراءات مالية ثبت عدم صحتها فيما بعد، واليوم دور اتحاد صلاح رمضان فهل سنستمر بالنهج نفسه أم هناك حلولاً أخرى؟
لسنا بصدد الدفاع عن الأشخاص ولا عن اتحاد كرة القدم، فإن قُدّر لهم أن يرحلوا فليرحلوا، وإن استقالوا فهذا خيارهم، ولكننا ندافع عن كرة القدم السورية.
لذلك فلا بد من دراسة معمقة لأسباب الخروج من التصفيات الآسيوية ووضع النقاط على الحروف، ليتم اكتشاف الأخطاء والعمل على علاجها، فالمشكلة في بعض التفاصيل لا تكمن بالأشخاص، اتحاد كرة القدم يتحمل جزءاً من المسؤولية، وكوبر يتحمل كذلك جزءاً من المسؤولية، واللاعبون ليسوا بمنأى عن المحاسبة ولم يقدموا الأداء المفترض ولم يظهروا بالمستوى اللائق، لكن المسؤولية الأكبر تتحملها آليات العمل والمنظومة الرياضية بشكل خاص.
في المناقشة مع أحد قياديي رياضتنا عن الوضع الحالي في كرة القدم قال بصراحة: منظومة العمل تحتاج إلى تغيير بالكامل، ما زلنا هواة ونمارس الاحتراف، وهذا امر لا يدفع بكرة القدم نحو الأمام، فمهما اجتهدنا في الرياضة فلن نحصل على نقاط إيجابية ما دامت الآليات بدائية والإمكانيات بسيطة لا تكفي الرياضي أجرة مواصلات لتوصله إلى ملعبه وصالته، وأضاف: المال المتوافر في كرة القدم لا يصنع كرة محترفة لا في الأندية ولا على صعيد المنتخبات الوطنية، لذلك فإن الفكر الكروي الذي يقود كرتنا في الأندية واتحاد كرة القدم مرتبط بالآليات والإمكانيات المتاحة.
حدثونا عن رفع الحظر عن ملاعبنا وهو أمر جيد، وبدأ اتحاد الكرة العمل عليه، ولكن هل تم إنجاز ملعب واحد صالح لإقامة المباريات الدولية عليه؟ فكيف سيتم رفع الحظر ونحن لا نملك ملعباً واحداً بالشروط المطلوبة؟
قضية الملاعب وهي الأساس بتطوير كرة القدم غائبة تماماً، وما يتم العمل عليه هو مجرد ترقيع، فكم من ملعب أجريت له الصيانة وبعد شهر عاد إلى الصحراء، ولو أنفقنا المال المخصص لصيانة الملاعب على تجهيز الملاعب لحصلنا على أكثر من ملعب نفتخر اليوم به، الملاعب هي من مسؤولية الاتحاد الرياضي العام وليس مسؤولية اتحاد كرة القدم.
بالعودة إلى صلب الموضوع فإنه مرّ على كرتنا في السنوات الماضية الكثير من المدربين الأجانب والعرب والمحليين، وما أفلح أحد بنتيجة، وجربنا في السنوات العشر الأخيرة أكثر من مئة لاعب، ولم نحقق المطلوب، واستعان أصحاب الشأن بالمغتربين، ولم يتغير الحال، ولم يبق أمامنا إلا تجنيس ميسي ورونالدو وأمثالهما، ومع ذلك فهذا ليس حلاً.
المسؤولية يتحملها الجميع من رأس الهرم الرياضي إلى أصغر كروي، كما تتحملها النظم والقوانين التي باتت بحاجة إلى تغيير، ويتحملها الإعلام بعدم توصيفه الصحيح للخلل وعدم وضعه الحلول التي يراها مناسبة، ويتحملها البعض من الإعلاميين وأشباههم الذين ينظّرون على منصات التواصل الاجتماعي بحثاً عن رضا فلان وتصفية لحسابات شخصية ضيقة مع هذا وذاك.
فالجميع في المسؤولية سواء، والمرحلة هذه هي مرحلة وضع الحلول وتقديم الآراء، ومواصلة المشوار حتى يتحقق الهدف.