مجموعة السبع منشغلة بمشكلاتها الداخلية وعاجزة عن هزيمة روسيا
عائدة أسعد
يتصدّر الصراع الروسي الأوكراني جدول أعمال قمّة مجموعة السبع الجارية في إيطاليا، ومع ذلك لا ينبغي لأحد أن يتوقّع أن تساعد القمة في حل الصراع واستعادة السلام الدائم في أوراسيا.
إن السبب واضح تماماً، فزعماء مجموعة السبع، الذين يجتمعون من الخميس إلى السبت، منشغلون بجمع الأموال، وبذل الجهود لاستخدام عائدات الأصول الروسية المجمّدة لتمويل أوكرانيا وتصعيد الصراع وإطالة أمده، لكن هدفهم المتمثل في إضعاف روسيا، إن لم يكن هزيمتها، يعدّ بعيد المنال حتى في نظر العديد من الخبراء العسكريين وخبراء السياسة الخارجية الغربيين.
وآخر جهودهم لتصعيد الصراع هو الإذن الذي منحته واشنطن والعديد من العواصم الأوروبية لأوكرانيا باستخدام الصواريخ طويلة المدى التي زوّدتها بها لضرب أهداف داخل روسيا، وقد منعوا أوكرانيا من القيام بذلك على مدى العامين الماضيين خوفاً من إثارة ردّ فعل أقوى من روسيا ونشر الصراع إلى أوروبا.
وفي حين أنه لا أحد متأكّد من استراتيجية مجموعة السبع لهزيمة روسيا، إلا أن الأمر المؤكد هو أنه سيكون هناك المزيد من القتلى والدمار في كل من أوكرانيا وروسيا، وسيزداد خطر انتشار الصراع وقد يؤدّي ذلك إلى حرب نووية وحتى إلى حرب عالمية ثالثة إذا استمرّ زعماء مجموعة السبع في رفض السعي إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وعندما سألت لجنة في مركز السياسة الأوروبية عن سبب استمرار الصراع الذي توقّع الكثيرون أن يستمرّ بضعة أشهر فقط، قال أحد الخبراء: إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يساعد أوكرانيا على هزيمة روسيا لأنه إذا سمحت أوروبا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالفوز، فإن روسيا لن تتوقف عند أوكرانيا.
وهذه مجرّد تكهّنات وغسيل دماغ من السياسيين الغربيين، فالرسالة التي كتبها بوتين إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في كانون الثاني 2022، تدل على أنه أثار مخاوف أمنية حقيقية ومشروعة بشأن توسّع الناتو المستمر شرقاً، ومع ذلك تجاهلت الولايات المتحدة والحلف هذه المخاوف عمداً في ردّهما.
وبالعودة إلى كانون الأول من عام 2022، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن النقطة الأساسية في أي محادثات سلام بشأن الصراع الروسي الأوكراني يجب أن تكون كيفية توفير ضمان أمني لروسيا بالنظر إلى مخاوف موسكو بشأن توسّع الناتو.
ونظراً للمزاج السياسي الحالي، هناك شك فيما إذا كان أي من زعماء مجموعة السبع سوف يتحلّى بالشجاعة اللازمة لذكر المخاوف الأمنية الروسية في القمة، وبدلاً من ذلك سيستمرون في التهرّب من السؤال أو التظاهر بأنه ليس مشكلة.
إن توقيت انعقاد قمّة السبع هذا العام ينذر بالسوء، وباستثناء رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، التي حقق حزبها “إخوان إيطاليا” فوزاً كبيراً في انتخابات البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، فإن حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون والأحزاب الائتلافية الثلاثة للمستشار الألماني أولاف شولتس – الديمقراطيون الاشتراكيون، وحزب الخضر، والديمقراطيون الأحرار – تعرّضوا جميعاً لهزائم كبيرة، ما أجبر ماكرون على الدعوة إلى انتخابات مبكرة في 30 حزيران.
وفي الولايات المتحدة، يتنافس الرئيس جو بايدن وسلفه دونالد ترامب في السباق الرئاسي قبل أقل من خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية، على الرغم من إدانة ترامب بـ34 تهمة من محكمة في نيويورك.
وفي المملكة المتحدة، يتخلّف رئيس الوزراء ريشي سوناك عن منافسه وزعيم حزب العمال كير ستارمر في استطلاعات الرأي قبل ثلاثة أسابيع فقط من الانتخابات الوطنية، وفي اليابان انخفض دعم الناخبين لرئيس الوزراء فوميو كيشيدا إلى 21 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ توليه منصبه في عام 2021، بينما في كندا، قال 17 بالمئة فقط ممن شملهم الاستطلاع إنهم يعتقدون أن رئيس الوزراء جاستن ترودو يجب أن يستمرّ كزعيم للحزب الليبرالي في البلاد في الانتخابات المقبلة. ويشير كل هذا إلى أن زعماء مجموعة السبع اجتمعوا في إيطاليا على برامج ضعيفة وهم منشغلون بمشكلاتهم الداخلية.
إن مجموعة السبع تواجه أيضاً أزمة صدقية ضخمة نظراً للمعايير المزدوجة الصارخة والنفاق بشأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبالتالي سيكون من الصعب للغاية على زعماء مجموعة السبع اختطاف المجتمع الدولي وإلقاء المحاضرات على العالم حول نظامهم القائم على القواعد.
ومجموعة السبع، التي خلفت إرث الحرب الباردة، تعتقد أن دعوة دول مثل البرازيل والهند إلى القمّة من شأنها أن تزيد من أهميتها، ولا يمكن للمجموعة أن تصبح ذات أهمية إلا من خلال الاستماع إلى بقية دول العالم التي تريد وقفاً فورياً ودائماً لإطلاق النار في كل من الصراعات بين روسيا وأوكرانيا والشرق الأوسط، ومعالجة قضايا هذه الصراعات من خلال الحوار والدبلوماسية.