معرض لـ غنى أميني في مهرجان “بيت الخطّ العربي” الرابع
ملده شويكاني
لوحة البحيرة البنفسجية التي هيمنت عليها درجات اللون البنفسجي وقت الغروب، حينما امتزجت الغيوم البيضاء بدرجات هذا اللون الرومانسي الشفاف الدال على شيء من الحزن والحنين، كانت إحدى اللوحات في فعاليات المهرجان الرابع لجمعية بيت الخطّ العربي والفنون التي تقام في المركز الثقافي العربي ـ أبو رمانة ـ في المعرض الفردي الأول للتشكيلية غنى السقا أميني، والذي يأتي ضمن الفعاليات بعنوان” الطبيعة واللون”.
وقد خُصص المعرض للمناظر الطبيعية بمشهد بانورامي يجمع تكوينات الجبال والسهول والأشجار والمياه والغيوم، ويظهر انعكاس الضوء على عناصر اللوحة، ولاسيما في اللوحات التي أُخذت من مشهد ليلي انعكست الإضاءة المعتمة على التفاصيل بتغييرات اللون خاصة الأزرق الغامق، إذ استقت أميني من ملامح المدرسة اللومنستية وخاصة بالتركيز على حركة الغيوم.
حفل المعرض بتنوع المناظر والأحجام، والملفت هو التباين بين اللوحات والفروقات، فبعضها وخاصة الأحجام الكبيرة كانت مرآة لطبيعة بحتة، في حين اشتغلت اللوحات التي جسدت فيها مشاهد من أجمل البحيرات العالمية وما يحيط على ضفافها من أشجار بحسّ جمالي وشاعري مختلف طال فروع أغصان الأشجار، وانعكاس صورتها على المياه، وبدا هذا واضحاً أيضاً في بعض اللوحات التي تشكّلت فيها ضمن البحيرة مساحة صغيرة لجزيرة حافلة بالأشجار.
وكذلك اللوحات التي رسمت فيها فصل الخريف بدلالة تبدل ألوان الأشجار وتناغمها بموسيقا لونية، ولم تغب الألوان الحارة على جزئيات من بعض المشاهد داخل التكوينات.
ومن الطبيعة التي تعد انطلاقة لكثير من الفنانين، انطلقت أميني كما أوضحت في حديثها مع “البعث”، واختارت الطبيعة لتكون محور معرضها الأول لأن الطبيعة مدرسة لكل الفنانين، وتابعت: “أردتُ الاستفادة من الغنى اللوني بالطبيعة لكي أصقل أدواتي ومهارتي وأظهر أسلوبي الفني من خلالها، وقد اتبعت أساليب متعددة من مدارس عدة بين الانطباعية والواقعية وشيء من التجريد بروح واحدة، وحاولتُ أن تكون البصمة الفنية واضحة بعيداً عن التسجيل الحرفي للمشاهد الطبيعية.
أما عن المشاهد فعقبت بأنها استعانت بالصور الضوئية الموجودة لمشاهد طبيعية عالمية: “واعتمدتُ على التبسيط وحافظتُ على الغنى اللوني، وفي اللوحات الكبيرة استخدمتُ التبسيط اللوني على بُعد المشهد، من دون الدخول بعمق بالتفاصيل، وإنما بالتركيز على المساحات والفضاء الواسع للسماء”.
ومن زاوية أخرى، توقفت معها عند الغيوم التي كانت عنصراً أساساً في اللوحات، وبدت في بعضها على تماس مع بقية العناصر لكثافتها، فأوضحت أن الغيمة بلونها الأبيض تحمل الكثير من الألوان عملت على إظهارها.
أمّا بالنسب للألوان، فقد اشتغلت أميني على الألوان القوية عامة سواء للأحمر أو الأزرق أو الأخضر الموجود بالطبيعة وأظهرته بدرجاته القوية، وتوضّح: “لكنني بالغت بدرجات اللون البنفسجي في السماء للضرورة الفنية ليقابلها لون حار في الأرض، بتوازن مابين الألوان الباردة والحارة في مواضع”.
كما توقفت معها حول التداخل بالألوان التي توحي بشيء من الصخب أو الغضب في لوحة الجبل، فأشارت إلى أن اللوحة تعد نوعاً من الفانتازيا واستوحتها من صورة جبل القوس قزح الملون بطبيعته الواقعية.
ومن ثم تابعت “البعث” مع رئيسة جمعية بيت الخطّ العربي والفنون الفنانة التشكيلية ريم قبطان بالحديث عن فعاليات المهرجان الرابع التي لا تقتصر على تقديم فنان أو فنانة من أعضاء الجمعية في كل مهرجان، إذ حفل المهرجان الرابع بمعرض إبداعات شبابية تميّز بتنوع ومشاركة كبيرة بالأفكار والمضامين والأساليب، فقدم الشباب نتاجهم من جميع المدارس وتوجد مشاركات من المدرسة الوحشية والتكعيبية، الإنجاز الذي رافق المعرض هو مشاركة مجموعة من اليافعين طلاب الجمعية بالمعرض والذين حققوا تميّزاً بالأساسيات والأفكار وحققوا نقلة نوعية بالانتقال من قلم الرصاص إلى الإكليريك.
الحدث الأبرز هو الورشة الشبابية التي ستقام في مقر المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق على مدى ثلاثة أيام بعنوان “لن نرحل” وقد حُددت أعمار المشاركين من خمسة عشر إلى الخامسة والعشرين عاماً، وسيعبّر عن المقاومة في غزة وقوة الانتماء لفلسطين والتشبث بأرضها من زاوية رؤيتهم الفنية، أيضاً سيقام معرض مصغر للأعمال وسيتم تكريم الفائزين باللوحات الثلاث الأولى بجوائز.
أما اختتام فعاليات المهرجان الرابع فسيكون بمعرض شامل لأعضاء الجمعية مع الفنانين الضيوف المعروفين بالمشهد التشكيلي والذين لبوا الدعوة، منهم غسان مارديني وعلي جروان وسامر الصعيدي وغيرهم.
والجميل أن معظم الفنانين خصّوا المهرجان بأعمال جديدة نفذوها للمشاركة، ما يعزز دور الجمعية بالساحة الفنية واستمرارها وتطورها الدائم.